17‏/11‏/2012

السّجين المحترم... أنت.


يحفرُ الخلدُ في الأرضِ فيسكنُ بالمجّان، وفي بيئةٍ طبيعية. وفي الصّيف لا ضيرَ من بعض الدّفء في الفضاء الخارجي خاصته.
ويطير الطير في السّماء بثقة، ويبيضُ في أعشاش القشّ وعلى أغصانِ الشجر المتماوج، ثم يطردًُ أطفالهُ ليتعلموا الحياة. فمعَ الأهل لا حياة... هكذا شرعُ الطبيعة الواضحة.
والفهدُ يمشي على أربعٍ ويصيدُ الفرائسَ الطازجة... وعندما يزمجرًُ، يسمعهُ ثلاثة أرباع أهل الغابة، لأنهُ ليسَ خجولاً، ولا يتظاهرُ بالدّعة.
هكذا تنعم الأم الأرضُ على ساكنيها

فلماذا إذاً؛
يعيش الإنسان باحثاً عن "ليرة" أخرى ليسدّ جوعه؟
و"دولاراً" آخرَ ليشتري بعض الدواء لابنهِ المريض؟
و"ريالاً" آخرَ ليبتلعَ قليلاً من النفط حتى يبرِّد جسده الذي فسّخه "الماكدونالدز" وشوَتهُ الشمسُ الرّبيعية؟
و"جنيهاً" و"درهماً" و"ينّـاً" و"فرنكاً" و"ديناراً" أُخرَ، حتى يشتري بيتاً على ضفة الحياة فيُسكنُ أطفالهُ؟
ويعالج التسوّس الذي سببه السُّكَّرُ والتدخينُ والفقرُ في أسنان زوجته.

ولماذا إذاً؛
يبتسمُ السّياسيون على التلفاز بثقة، وهم جميعاً أغبياء؟
ولماذا يتبعهم الناسُ وهم لصوصٌ يثبتُ الزمان وضاعتهم ولا-جدواهم مع كلّ إشراقة شمس؟
لماذا لا تستمرّ بَسماتهم في أقبية المخابرات؟ ودور العبادة؟ وفي قياداتِ الجيش الذين يتكلمون باسمه؟ وفي مؤسساتهم الكثيرة المغلفة بصقيع المصالح والأنانية والرغبة المحضة بالسيطرة؟
لماذا لا يكتشفُ كلُّ الناس حماقتهم وهم يعطون الأوامر بالقتل والحرق والقصف والاعتقال والترهيب، كلما شعروا بخطر الجماهير المقموعة، المجوَّعة، المستهلَكة، المستزَفة، الخائفة، الراجفة، الحانقة، الفقيرة التي تحتاج "للمال السّخيف" الذي تحكموا بمفاتيحهِ لتعيش بكرامة؟

لماذا إذاً؛
كل الجماهير المقموعة متدينة جداً، وتخاف الله، وتتوقع النجاة على يدِ السّياسيين؟
لماذا كل الجماهير المقموعة مسالمة جداً وتتكلم باحترامٍ مع أولئك الذين سرقوها؟
لماذا كل عبارات التبجيل هذه؟ وهي من دلائل العبودية في عصرنا الممسوس!
لماذا لا يهجمُ الفقير كطير، أو خلدٍ، أو فهدٍ، فيطالب بحقوقه بصوتٍ عالٍ، ويزمجرَ بصوتٍ مسموع؟
ولماذا تحثُّ كل الأعراف التي نتداولها كالتبغ على أن يكون الإنسانُ عبداً محترماً؟ مسجوناً خلوقاً؟ فقيراً راضٍ بما قُسمَ له؟
ولماذا نبني الأُسرُ فتتحولُ إلى معتقلاتٍ للأَسر؟ يلعبُ الآباءُ والأمهات فيها دور القامع، السّجان، المسيطِر الأعظم، وحاجب الحياة؟

06‏/11‏/2012

صديقي البطل الحرّ

تشتعل الأرض بالحِمم وتضجّ الأرضُ بالقتلى
يهتف الناس للحرية من نظام ويدعمون أنظمة آخرى ويكرهون النساء
الدبابات تحرُق والطائرات ترمي النار والموت
والميليشيات تحاكم معارضيها بالقتل والتصفيات الجماعية
وصديقي في غاية السّعادة يردّد أناشيد الثورة
يرتدي علم الثورة ويكره إيران ويحبّ العرعور ويعتبره أملاً

ويدافع عن الولايات المتحدة أيضاً ولا أعرف لماذا..
أو ما هي علاقة هذا بالثورة..

منذ أكثر من سنة ونصف، تصادم هو وصديقاً لنا كان مؤيداً للنظام
صديقنا عاش واختبر الشك واختار أن يكون ثائراً على طريقته
سافرَ عائداً إلى سوريا
وسخّر الكثير من أمواله القليلة نسبياً في خدمة لاجئين كانوا في منطقته
وتبرع تبرعات عينينة كبيرة للهلال الأحمر
وما زال يعمل في المجال الإغاثي على حد علمي إلى هذه اللحظة
وإلى الآن لا يعلم أحد غيري بهذا
بينما ما يزال صديقي الثائر 'أبو علم الثورة' مسروراً بأناشيد الثورة
يرددها في المكتب، وبعد النادي، وفي سيارته الفارهة
ويمضي السهرة في خوض المعارك على الفيس بوك
وفي إعادة إنتاج ما يقوله التلفاز
وقد تأثر للغاية بفيصل القاسم فصار نزقاً حادّ الطباع
ويكذب علينا جميعأً بأن اسمه على الحدود ولا يستطيع الذهاب إلى سوريا لأنه مطلوب
تغير صديقنا كثيراً ...
أشك أنه أصبح أكثر عنفاً في ممارسة الجنس مع زوجته أيضاً...
ربما يروقها ذلك لا يهمني الأمر..
ولكنه أصبح ثقيلاً على القلب وكله باسم الثورة
إنه شبيح من الدرجة الأولى ولكنه محسوب على الثورة

كل أصداقئنا يعرفونه جيداً الآن
نعرف أنه بسيط، وأن له قلباً طيباً، وأنه بحاجة للاهتمام
ولكننا نعرف أن ثورته ليست أكثر من علم الثورة في صدر المنزل، وفيسبوك باسمه يتبع 'الحر'
ورموز يقدم لها الولاء والطاعة كما يفعل مؤيدوا النظام تماماً
تتلخص ثورته في ترديد الأغاني وكشف أعداء الثورة وكسب المزيد من الأعداء

لا بد من إعادة التفكير في كلمات مثل 'ثائر' و 'شبيح'..

الأخوة الأربعة الذين تطوعوا في الجيش السّوري

كان يتكلم حانقاً ونحن في السّيارة لمنزله،
اتهم الثوار بأنهم كذابين، مجرمين، قتلة يتاجرون بدماء ...السّوريين
وأن على النظام ألا يوفّرهم أينما وجدوا
حتى أولئك السّلميين منهم
بل قال أن السلميين هم أشد خطراً
لأنهم يجعلون الأمور تبدو وكأنها حضارية وسلمية
وهو ما اعتبره كذبة وخديعة
"في ساعة التظاهر يحملون الورود واللافتات وبعد قليل يتجمعون لنسف الحواجز"
قال لي.
.....
وإذ بدأتُ أدافعُ عن السّلمية لأني أعتبرها حقنا الطبيعي الذي يجب أن نحميه
وضمانة أن تتحسن فرص نجاة وسعادة المجتمع البشري وتخلصه من الديكتاتورية الاشتراكية، والعبودية الرأسمالية على السواء
فاجأني بثورةٍ أكثر بطشاً من الأولى
...............
اتضحَ في النهاية أنهم وجدوا عمّهُ "اللزم" أخ أبيه، وهو مؤيد، رفض التعاون مع الجيش الحرّ في حمص
من بين القتلى في مجزرة الحولة
قال أن عصابات مسلحة خطفته ونفذوا فيه حكم الإعدام ليكسبوا تأييداً دولياً قبل انعقاد جلسة مجلس الأمن في ذلك الوقت.
قال أن كل القتلى في تلك المجزرة الشهيرة هم ممن حاول الوقوف ضدّ الثورة وقد فعلتها أيادٍ معارضة وليس النظام أبداً.
عندما رأوا عمّهُ على التلفاز لم يصدقوا أعينهم..
عمّهم كانَ مخطوفاً لأنه مؤيد ورفض مساعدة أحد الأجنحة العسكرية المحسوبة على الجيش الحر
حاول الأهل المفاوضة على الرهينة
لم يستطيعوا دفع المبلغ الكبير الذي طلبه الخاطفون
وبعد حوالي خمسة عشر يوماً رأوا صورته على التلفاز وقد تم قتله والبكاء عليه على أنه معارض وأن النظام قد صفاه
.................
وعندما حاولت أن أقول أن الأمم المتحدة على حد علمي أدانت النظام السّوري في مجزرة الحولة
نعتني بأني غبي لا أفهم وأن علي أن أتصرف بذكاء بدلاً من ترديد ما يقال..
"إنهم يستثيرون عاطفتك وقد استطاعوا تحقيق هدفهم جيداً"
.........
أنا لا أحب المجادلة ولا أن أقول لأحدهم: بلا أنا ذكي جداًعلى فكرة
وأعتبرُ سلعةً  جيدةً في سوق الشخصيات العصري الذي نشهده
ولكني شعرت بالضيق والخوف معاً
وقلتُ في نفسي أشياء كثيرة من ضمنها أني لا أستبعد تدخلاً مخابراتياً دولياً
لا شك  لدي بأنهم لا يتورعون عن ذلك..
والأهم لا شك لدي بأننا شعب مستعد أن يقتل الأخ أخته لأجل صورة
فما بالك أن يقتل غيره المختلف عنه بعد إفراغه من الإنسانية وشيطنته؟؟
..........
تطوّعَ أولاد الرّجل الأربعة في الجيش السّوري
أحدهم يتباهى بقتل من يسميهم "المعارضين"
يقول أن هذا لا يشفي غليله للشيء الذي عملوه مع أبيه!
...

04‏/11‏/2012

في الولاء

ومن قال إنّ قلة الولاء تضعف الكلس في عظام الإنسان؟
لستَ بحاجة للولاء ولكن للتفاعل

فمدّ يدك بنديّة لكل الرّجال والنّساء
ولا تترك في هذا القلب مكاناً شاغراً لكي لا يحتله الولاء
إنه عدوّك الذي يعيشُ على إفراغكَ منك
إفراغكَ من ذاتك. فحذارِ!

لا تطلب مني أن أصفق للغريق وهو يتعلق بقشة..

لمن ينتظر حلول السّياسيين، ليس لدى السّياسييّن من حل... خذِ العلم.

لمن ينتظر حلول العسكريين، لن يُسمحَ للعسكريين بأي حسم إذا كنت ممن يعتبرون الحسم لأي طرف حل... خذِ العلم.


ليس لدى أمم الأسرة الدولية المحِبّة والهائمة عشقاً بالدم السوري اي رغبة حقيقية في الحل لأنّ اللعبة لعبة مصالح وكل هذا باتَ معروفاً ... فخذِ العلم.


لمن ينتظر حلاً يتساقط من عند الله، فتنفجرُ الأسلحة من تلقاء نفسها، وتتوقف الحرب، وينال هذا الشعب العظيم الحرية، انضُجْ فالله ليس ساحراً في سيرككَ الصّغير، وليس لديه أي رغبة بإضحاكك ونيل رضاك.. فخذِ العلم.

الحلّ لديك، ولديّ، وإلا فلا نحتاجُ حلاً مصنوعاً على غير مقاسنا، ومن يقول لي 'الغريق يتعلق بقشة' أقول له: القشة لا تنجي الغريق ولا تطلب مني التصفيق للغريق عندما يتعلق بما لن ينجّيه... فخذِ العلم.

وبالمناسبة: قولوا لهيلاري كلينتون أن تخرس بدلاً من ضحكاتكم الساذجة أمامَ جلالتها فهي كلبة مال وليست خبيرة مجتمع. وقولوا لسلاطينكم جميعأً أن يخرسوا بدلاً من خنوعكم لهم فهم أبناء قحبة فقط.

ملاحظة: في العربية الفصحى، قحبة يعني كلبة... فخذوا العلم.

01‏/11‏/2012

انتصار الثورة السورية بين السّياسي والمقدّس.


  لا تتفاجأوا مما ترون اليوم، وأنتم من دعمتم الخطأ وحافظتم عليه بتقديسه وجعله فوق النقد.. 

بعد كل الحقن الحاصل في عضلات المجتمع السوري، وبعد التجييش الممنهج من قبل النظام ومؤيديه والمعارضة ومؤيديها ماذا يتوقع الإنسان مثلا؟... الحب أم الوئام؟؟
 
فليتوقف كل السوريين وغير السوريين عن قول وفعل كل ما يقسم المجتمع على محارب السّياسيين القذرة على الفور.

بماذا أفاد السّياسيون عالمنا المتداعي ها؟؟؟ بماذا؟؟ نقدم لهم أبناءنا ولائم مجانية وضحايا لآلهة لا تعرف الرحمة!!!

المجتمع الطيب قابل للأدلجة بلمح البصر، لأن عمل الثورة ما زال يقتصر حتى الآن على العمل السياسي والتنسيق مع الدول الخارجية في حين كان أولى بالثورة أن تهتم للإنسان لهذا الجوهر بدلاً من انشغالها بقشور السّياسة..
ليس لدى السّياسيين أي حل. علينا أن ندرك هذا فوراً ونتصرف بناء عليه.. نحن من يوقف الحرب ونحن من يصنع الثورة ونحن من يوقف الخطأ ونحن لن نسمح بأن تخرس الألسن ولا أن تتحول الثورة إلى تشبيح جديد ولا أن تتحول إلى دعوات جادة لجماعة طز طز حرية
 
نحن نصنع مستقبلنا وحاضرنا وكلمة الانتصارفي هذا الصّدد هي كلمة مضحكة مبكية

لا يوجد انتصار إلا في أجندات السّياسيين وأصحاب المصانع تبع الأسلحة وصكوك الغفران.
 

اكتسب الدين زخماً جديداً واكتسبت المصانع المتهالكة صفقات طويلة الأمد وسيطرة حقيقية أقوى من خلال البنوك ويا سلام علينا ما زلنا نصف ما نتمناه بالانتصار!!

لا يوجد انتصار إلا انتصارنا معاً ولا يوجد شيء أبعد عن ا لانتصار من الفشل الواضح الذي يجري الآن...