26‏/05‏/2012

في حضرة دمائنا.


أسأل نفسي اليوم وبعد استماعي لما يكفي لإحباطي شهراً كاملا ً من الكلام الطائفي من عيار (س ن ق ت لُ   ا ل ع ل و ي ي ن) وسنفنيهم وسنحرق قراهم على خلفية مجزة اليوم 26 أيار 2012 بعد أن قضى أكثر من مئة إنسان طفلا ورجلا وامرأة ذبحاً كالأغنام في الحولة في الصباح الباكر (يبدو أنهم كانوا نياماً). وبعدَ أن توزعَ قومي الاتهامات كالعادة وتبادلوا التصريحات اللاذعة وخونوا بعضهم وهددوا وأردعوا وأبرقوا... وبعد أن اتهم كل منهم الآخرَ بالجريمة، وبعد أن تمّ اليوم يعون القادر الرحيم إتمام عمليتان نوعيتان على تراب الوطن الغالي الذي نحوله إلى بارود إحداهما في سلمية أدت إلى سقوط 25 قتيل من حاجز عسكري هوجم بواسطة إحدى كتائب الجيش الحر لا إله إلا هو، قرآن الثورة السورية وصحابيوها الأشداء وافاهم الله عنا خير الوفاء ووقانا فيهم الأسوا إنه السريع العدّاء، والآخرة في السويداء حيث هاجم الجيش الحر - كتيبة سلطان باشا الأطرش قدس الله سره العظيم الجليل بقدر مستطاعه إنه كريم جواد أحد الحواجز في قرية تعارى وما أدراك ما تعارى ومات ست شبان على ما بلغني، بهجوم لجيشنا الكاسح البطل على حاجز تفتيش عليه بعض مجندين عم يخدمو عسكرية بالصرماية!!!

هذا وبعد حديث مقلق مع صديقي من حمص (من نص دين حمص) وكان قد هاجر خارج حيه المهجور كغيره من المهجرين طلباً للحياة الطويلة نسبياً والامن ولسبب آخر خطير.. لم يستطيعوا إقناع مسلحي الجيش الحر بالانسحاب من بين البيوت واضطروا هم إلى الرحيل فالجيش الحر يحتمي بالمدنيين بدلا ً من أن يحميهم ولا يستطيع حتى الوجهاء إقناعهم بتعطير أفواههم وقلوبهم بالصلاة على النبي!!

بعد هذا كله أسأل نفسي السّؤال التالي: لو استمرت الثورة على سلميتها هل كنا سنصل إلى هنا؟ ما الذي جرى بالظبط؟؟

أعيد المشهد في رأسي الصغير، من البداية جرى التسويق للسّلاح والتسلح على قنوات العهر الإعلامي الجزيرة والعربية ووصال وما شاكلها (ولا أحتاج أي وعظ عن أي من هذه القنوات الفاجرة) كانت تجري الدعايات ليل نهار وكأن السلاح هو ((المخلص)) لهذا الشعب المغدور!! وكنا نتهم بالولاء للنظام الساقط عندما نتكلم عن السلمية وعن السموم التي تبث لأبناء بلدنا من خلال طرح التسلح والطائفية والتكلم عن الوعي.

في حمص في بداية الأحداث أصبحت الأسلحة كالخبز بل ومتوفرة أكثر من الخبز أيضاً!! وفي درعا حدث ولا حرج!! واستطاعت أطراف عدة جرّ الثورة التي كانت منتصرة للتسلح وصدق القوم أوهام الغزوات، فبالت عليهم النائحات!!

والآن أقولها من جديد ما حدث في الحولة لا يمكن أن يمرّ هباء منثوراً فهذه الأجساد الصغيرة التي رأيناها كانت حية منذ يوم واحد، كانت حية تريد الفرح مثلي ومثلك إلى أن أسكتتها سكاكين حاقدة!! من اللذي فعل ذلك؟ والله لا أدري! ولا يمكن أن أدري في القريب العاجل. لن أكذب عليك بقولي أني لا أصدق الروايتين الأكثر شيوعا وأقولها علناً هناك يا أخواتي وأخوتي من يريد بنا الهلاك، ويدفع الأجواء نحو حرب أهلية!! وكلما يتجه الحراك ليكون سلمياً يحدث الشيء عينه!!! سيحان الله صانع الأشياء العديدة أليس كذلك؟ لا سبحان سرعة ترديدك للأشياء يا عزيزي :)

أنا حزين ولكن على هذا أن لا يستمر كثيراً فوراؤنا وطن ليبنى ودم ليوقف وحياة لتؤمن وأغبياء لنكتف شرورهم أيضاً. يلزمنا الكثير من الغضب اليوم وفي كل يوم!

الله والشيطان!!


لا تهمني أعلامكم لأنها كلها غبية، ولا شعاراتكم لأنها تدل على قصوركم العقلي والحسي وعدم مواكبتكم للزمن، ولا آبه للون بزاتكم، ولا لشكل خوذكم، ولا مصدر تمويلكم، ولا الكلمات التي ترددونها في حفلات زواجكم ومراسم توديع قتلاكم وموتاككم، ولا الألحان التي تضعونها عندما يقترب الله المشوّه بفضلكم من قلوبكم التي تقاسمها الحقد ومزقها الكره ... شيء واحد يهمني أنا الإنسان اليوم، أن أستعيد حقي بالحياة بعيداً بعيداً عن قوانينكم وتشريعاتكم السياسية والدينية والاجتماعية. فلقد خربتم هذا العالم لا بوركتم، وأحتاج لبعض الوقت حتى أصلحه وأزيت مفاصله من جديد!!

لا يمثلني رئيس ولا قديس، معارضة ولا منهاهضة، قبيلة ولا طائفة، أم ولا أب، مؤمن ولا ملحد، ناجح ولا فاشل، ذكي ولا غبي... شيء واحد يمثلني حقاً، وهو الشيء الوحيد الذي سأنطق باسمه وباسمه فقط...نفسي.

لذلك كفوا عن مضايقتي بأصواتكم وتلميحاتكم وخوفكم وكرهكم وسطحيتكم وعذاباتكم وطوائفكم وعطوركم وقطعانكم الساعية للخلاص في مستقبل ما وراء الأفق الوردي... لدي حياة هنا لأعيشها، لدي أناس هنا ينزفون حباً لهذه الأرض، وشوقاً لهذا العالم.. الموجود.

سأغرب عنكم بأسرع ما يمكن، وها أنذا أجتاز الباب الموارب بين الأرض وقاطنيها. فالله أحمله في قلبي، والشيطان صديقي المقرب.

23‏/05‏/2012

خواطر قصيرة (هايكو)

ماستان متوهجتان
على بساط ليلكي
عينا حبيبتي
 ...........
أنا الصّياد
يأتي وفمهُ جائعٌ للمنزل
وكتفه متعبةٌ من قشاط البندقية
حريرٌ ناعمٌ كفُّ حبيبتي
وقنديلا نجاة عيناها البنيتان
...........

رائحةُ التراب تملأ حلقي
وأنا أتذكر أمي تنتزع الأعشاب من باطن الأرض
...........
تتساقط الأوراق في فصل الخريف
فلماذا ترفض أن تتوعك قليلاً؟
.........
ما زلتَ ترتدي نظارتك الباهظة
أهداها إليك صديقك
كأعرج يرتدي صندلا من عاج
........
إنسانٌ يقرر صمّ إذنيه
غزالاً يلتهم جرذاناً ميتاً
رائحته تنتن


15‏/05‏/2012

لماذا يفرح الأطفال؟



الصورة من ناشيونال جيوغرافيك
         
    تعصف السماء بمزيد من الرياح، وتتراقص شجرة التين ذات السبعين عاماً على وقع هذه الموسيقى الكونية، فتصطف الأوراق وتتعانق الأغصان برشاقة نساء في الثلاثين، وينهمر التين كوزاً إثر كوز على أرض تنظفها الطبيعة كامرأة قررت أخيراً أن هذه الأرض اتسخت بما فيه الكفاية فراحت تضرب مكنستها الكبيرة ذات اليمين وذات الشمال، لتتراقص ذرات الغبار في كل الأمكنة المحتملة، وتملأ الثقوب الغير مرئية للمخد والشراشف والزهور، وتجاويف الآذان، وأصبح للجو رائحة أخرى أشبه برائحة الجاهلية... رائحة أجسام الرجال والنساء والأحصنة بعد يوم أو اثنين من الترحال، رائحة العشب الذي يولد بنشاط، رائحة الأرض بمخلوقاتها؛ تلك الرائحة الجائحة التي لا تعرف الوسط، والشمس تضع وشاحها بحياء وتختفي خلسة وراء الجبال البعيدة فيما بدا أنه أبعد نقطة في كوكب الأرض.

             لم تكن نسرين تفكر بكل ذلك، ولا حتى بشيء منه أصلاً، بل كانت تكتفي بالوقوف شاحبة الوجه في الفناء الأمامي للمنزل، فقد مرّ أسبوعان وهي طريحة الفراش تعاني الإسهال والحرارة المرتفعة، وهي الآن تائقة للخروج ومشاهدة كل هذا مرة أخرى. في الأعلى كانت الغيوم تتسابق كقطيع هائج، ولم يكن بوسع أحد أن يتكهن بما تخفيه تلك الليلة من ليالي شهر آذارالمزاجي.

             أحست بموجة من الفرح الغامر تجتاح كيانها فاستدارت صوب المنزل وعلى شفتيها مشروع ابتسامة، مسحت عينيها بكمها الطويل وهي تضم دبا صغيراً من الفرو كانت قد وجدته في غرفة القعدة منذ أيام، ثم ركضت نحو المنزل بسرعة فائقة. كان المنزل على بعد خطوات قليلة منها حيث تقف، وكان أبوها يطل بوجهه الشاب من شباك المطبخ بصمت، التقت أعينهما لوهلة فابتسم لها وقال أشياء لا معنى لها.

            لن يفهم أحد ما الذي دفع بنسرين إلى تلك الركضة الماراتونية في ذلك اليوم، ولا حتى هي  نفسها، فقد كانت تركض كأرنب اكتشف وجود صقر في الأجواء فقرر اللجوء إلى جحره الآمن، ولكن نسرين كانت –على عكس الأرنب- فرحة وليست خائفة. كان قلبها الصغير يخفق مئة مرة في الدقيقة، ووجها الجميل يحيي الحياة بثقة وسعادة وحبور... لا شك أنها كانت تعيش لحظات جميلة، وهذه كانت طريقتها في فعل ذلك؛ وكأن زوربا الصغير بداخلها استيقظ فجأة ليرقص قليلا وحسب!

            عندما نستخدم الكلمات لوصف أشياء مماثلة تبدو الكلمات هرمة، وقد نبدو نحن أغبياء، إنه لشيء بالغ التعقيد أن تحول الأحاسيس والمشاعر إلى كلمات، والعواطف إلى أفكار، والعواصف والفيضانات إلى مجرد أحرف داكنة على صفحة بيضاء... إنه شيء في غاية السخف والصبيانية أصلا!!
               فنسرين هذه صغيرة جداً لم تتجاوز السنة والنصف، عيناها السوداوان تضجان بالحياة، وقامتها القصيرة تجعلها تبدو كائناً للتسيلة وباعثاً للضحك أكثر مما تبدو إنساناً موعوداً بالنمو في كل ثانية جديدة، وكان شعرها الأشعث يضفي عليها مسحة فريدة من الجمال والبلاهة أحياناً...

               عندما كانت تركض باتجاه المنزل شاهدت أمها في المدخل تقوم بمسح الأرض وتنظيف الأوحال وكان الباب مفتوحا ، فانطلقت صوبها بسعادة من وجد شيئاً كان يبحث عنه، ولم يكن بإمكانها التفكير بأن حذائها الملوث بالغبار الذي بدأ يتحول إلى وحل مزعج مع كل خطوة أخرى سوف يلقي بها في مشكلة... فاستحقت ضربات عديدة على يدها التي احمرت فجأة فغاصت في موجة من البكاء الهستيري وأمها تحملها إلى الداخل وتنتزع الحذاء الذي لم يمض على ارتدائه دقائق معدودة. الدموع التي تغمر وجهها جعلتها تكاد تختنق ولم تستطع حتى أن تفكر في سبب ما يجري، لماذا تضربها هذه الأم اللطيفة التي تحبها كثيراً؟ ولماذا تنتزع الحذاء الجميل من رجليها؟ أخذها أبوها من بين يدي إمها بينما كان يدور بينهما حوار غير مفهوم تماماً ولكنه كان عنها بالتأكيد... أرادت أن تتوقف عن البكاء ولكن الأمر كان قد خرج عن سيطرتها فعلاً. ولم تعرف كيف انتهت تلك الموجة وعلى أي شاطئ تكسرت، ولكنها استيقظت في اليوم التالي وهي تشعر بالفرح من جديد، وكان أول شيء فعلته هو أن مشت باتجاه حذائها في  العتبة وأحضرته إلى أمها التي قبلتها برفق على رأسها وهي تبتسم لها بعذوبة، وتناست كلاهما ما حصل البارحة، وكأنه كان خارج معرفتهما الاثنتين، أو كأن ذلك المشهد كان قد فصل عن الواقع كمشهد فيلم تابعه الناس وتأثروا به لحظة عرضه وحسب!
فرحة بحذائها كانت نسرين تتراقص في أرجاء البيت وتزقزق، تذهب إلى الباب وتخرج قليلاً إلى الفناء ثم تعود لتملأ الجو بتلك الحياة التي يسبغها وجود طفل في مثل عمرها ونشاطها في منزل رحب. كانت أمها تعد الفطور في المطبخ بينما كانت نسرين تحتفل من جديد بأشياء ستبقى معرفتها حكراً على ابنة السنة و النصف هذه فقط...

من مسودة (كان على وشك أن يدرك)

أوراقك المتناثرة...


ازدهري أيتها الحمقاء
وافرحي بهذه البراعم الصغيرة
صفقي للريح كلما هبّت من ناحية المساء
وقبلي ثغرها نيابة عني
فإن الربيع قد كاد يضمحل
ولا أحد يعرف أين ستذهب كل تلك الذكريات...

جنونك الغبي قد أثار حفيظتي
فلتتكاسلي قليلا
أصدقاؤك يمتدحون حماقتك
وأنت الطفلة تفرحين وتتابعين
فلتفرحي
ولتصفقي للريح كلما هبّت من ناحية المساء
ولتقبلي ثغرها نيابة عني
فبعد كل خريف شتاء رتيب
أيتها الحمقاء


                                                                  آب 2006

05‏/05‏/2012

أريد أن أثبت أنني موجود



صحيح أنكم نزحتم عن بقاع العنف والنار
تلك المناطق التي يتدهور فيها الإنسان
وهو يرى إنساناً مثله تماماً يقتله
ويتصّرف بوحشيّة مع أوراق الكرمة في فناء البيت
ويعامل جدائل الفتيات الصّغيرات وأحلامهن بقسوة!!
صحيح أنكم غادرتم بيوتكم وفارقتم أناس عزيزين على قلوبكم
وصحيح أنكم مثقلين بالقلق والخوف على من أحببتم
ولا تدرون إن كنتم ستصلون مناطق أكثر أمناً، أم ستقتلون على الطرق
كل ذلك صحيح،
ولكن تبقى خسارتنا أكبر وخجلنا أعمق
فقد فقدنا إنسانيتنا ونحن ننظر إليكم
وغادرنا قلوبنا ونحن نشهد كلّ هذا الدمار
دون أن نخرج فنملأ السّاحات بالصّراخ
حتى تتساقط عروش الظلام والذل واحداً تلو الآخر
ومعامل الأسلحة والمؤسّسات واحداً تلو الآخر
ومعامل الفكر الصدئ الذي يجعل المساكين يقتلون بعضهم واحداً تلو الآخر
ومحطات التلفزة التي تنشر القذارة التي تنسي الإنسان نفسه واحدةً تلوَ الأخرى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نحن من يجب أن يخجل لا أنتم
كنا لنوقفُ كل هذا بإرادتنا
ولكننا إلى الآن لم نحاول بجدية
واكتفينا بإحكام السلاسل كل ٌّ حول يديه خوفاً من الحرية 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عيونكم هذه المخبأة تحت الأغطية والشراشف 
تضعنا أمام أصعب الامتحانات
إلى أي درجة نحن بشر حقاً؟
كيف يمكن أن نكون كائنات واعية ونسمح لكل هذا الخراب بالاستمرار ليلة واحدة؟
كيف يمكن أن نكون كائنات عاطفية ونسمح لهم بوضعكم في السيارات لتهربوا من جديد؟
ألم تهربوا بما فيه الكفاية؟
ألم يحن الوقت ليحط الإنسان رحاله معلنا بدء العصر الجديد؟
ألم نأخذ من الدروس ما يكفي للعلم؟
لقد رأيتكم تهربون فيما مضى... 
رأيتكم تهربون في عزّ القوم وفي ذلهم
وكنتم دائماً بهذه النظرة الخجولة الغير مبررة
في فلسطين ولبنان وأفريقيا وألمانيا وروسيا ومحاكم التفتيش والحروب الطائفية، المدنية، الأهلية، الإقليمية، العالمية الكثيرة التي نخوضها بإصرار مقرف!!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"عندما كان الله وحيداً في هذا العالم
شعر بالملل فخلق الإنسان ليريه نفسه....
كحسناء، أرادت لهذا الجمال أن لا يبقى مستوراً
فخرجت إلى الناس وباشرتهم"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بهذه البساطة وصف أحد الكتب القديمة لغز العالم الأكبر؛ سبب خلق الإنسان!!
وها أنذا الآن محتاج إلى الصّراخ أكثر من أي وقت مضى
وأريدك أن تستمع لي بينما أفعل...

أيها الإنسان، أريدُ أن أرى جمالك ولا يعنيني في شيء أن يكون ربك جميلاً
أيها الإنسان، أريني حكمتك فلا يعنيني في شيء أن يكون ربك حكيماً
أيها الإنسان، أريني تعاطفك وقوتك وعزة نفسك وإنسانيتك فلا يهمني إن كان الله بائعاً يجول المدن ويذرع السّاحات باحثاً عن ابتسامة
أيها الإنسان، لا يعنيني أن يكون الله رحيما أو عطوفاً أو قوياً بل أريدُ أن أراك أنت على هذه الشاكلة
أيها الإنسان، أريني وجودك فلا يهمني إن كان ربك موجوداً
إيها الإنسان، لا تهرب من عينيّ، ولا تنزلق للأجوبة السهلة من قبيل هذا رجل ملحد أو هذا الكافر لا يهتم بالله... لأنني لست كما تظن أبداً
كل ما بالأمر هو أنني اريدك أنت،
أنت من يؤثر عليّ أعظم تأثير وأنا متأكد أني أفعل الشيء عينه معك.
أيها الإنسان أريدُ أن أثبت أنني موجود

04‏/05‏/2012

الأخوة الأعداء



ضعي وجهك على الأرض يا حبيبتي
استمعي إلى حبات التراب

واستشعري خطوات الناس الخائفة والملئية بالزهو في وقت واحد
 وهي تتلعثم على أرض مسطحة كالقمر!
قربي أذنك الصغيرة منهم
 لتسمعي نبضات قلوبهم التي أتعبها الصقيع الطويل والشمس الحارقة 
فغدت تواقة للحب والحياة بعيداً عنهما معاً



على وجوههم أرى دموعي تتساقط كل يوم
وإذ يبتسمون أرى نفسي ترتاح وتستكين
في صدري أنا تتوقف قلوبهم عن النبض بعد رصاصة أو تفجير أو طعنة خنجر
وفي عيني أرى الأهوال التي يمرون بها.
كلهم...
من الثائر إلى الموالي إلى المسلح إلى الجندي إلى الإنسان إلى الإنسان إلى الحي إلى الحي...
وذلك يولد الغصة!

ضعي يدك في أيديهم ليزهر الربيع يا حبيبتي
وكوني متأكدة ومليئة بالحياة
كحبة مطر
من بين بلايين الحبات 
تقدم ما عليها وتجفّ
في بحر الكون المفتوح على الظلال والاحتمالات.

تتساقط الأنظمة وتتغير والحكومات
والمؤسسات يعاد إصلاحها
أما الإنسان إذا خرب والبشر إذا فسدوا لن يعود للوطن معنى..

ليس الوطن شارعاً مناراً بأضواء الأعمدة...
وليس مدينة غريبة تذكرها الجغرافية ويجهلها السكان...
أو مدرسة توزع الغباء كتبا مجانية
لا شيء أسعد منكِ يا حبيبتي وإنتي توزعين الحياة على الأحياء
وترفعين من مكانة الإنسان في العقول والقلوب
لعلهم يعيشوا لساعتي صفاء
تغنيهم عن مكر السياسيين وتلاعبات التجار
وصفقاتهم الفاجرة التي تنفق على التسلح من الجهتين

"ويترك الإنسان في ألعابهم
يصارع الأنواء والشرور والأحقاد والكساد والفساد والسلاح والسياسيين طراً والغلاء
يبكي قليلا حظه ويلعن السماء
يصفق يوماً لهذا ويوماً لذاك... ويوماً لذاك!!!"

هذا هو الوقت الوحيد
ليس هناك من وقت آخر
وهذا هو الكون الوحيد الذي قد تعيشين فيه
ليس هناك من كون آخر
وإنت هي الإنسانة التي قد تغير كل هذا
ضعي احتمال أن لا يكون هناك إنسان آخر
وستجدين الكثيرين عندها
الكثير من الفارين والمسافرين وأصحاب السوابق
وستشعرين بالشمس
فاستنشقي الجمال
يتدفق حولك كالندى... واستقبلي الحياة
بوجهك الرحب وشعرك الذي يجتازه الهواء مرتين كل ثانية