05‏/05‏/2012

أريد أن أثبت أنني موجود



صحيح أنكم نزحتم عن بقاع العنف والنار
تلك المناطق التي يتدهور فيها الإنسان
وهو يرى إنساناً مثله تماماً يقتله
ويتصّرف بوحشيّة مع أوراق الكرمة في فناء البيت
ويعامل جدائل الفتيات الصّغيرات وأحلامهن بقسوة!!
صحيح أنكم غادرتم بيوتكم وفارقتم أناس عزيزين على قلوبكم
وصحيح أنكم مثقلين بالقلق والخوف على من أحببتم
ولا تدرون إن كنتم ستصلون مناطق أكثر أمناً، أم ستقتلون على الطرق
كل ذلك صحيح،
ولكن تبقى خسارتنا أكبر وخجلنا أعمق
فقد فقدنا إنسانيتنا ونحن ننظر إليكم
وغادرنا قلوبنا ونحن نشهد كلّ هذا الدمار
دون أن نخرج فنملأ السّاحات بالصّراخ
حتى تتساقط عروش الظلام والذل واحداً تلو الآخر
ومعامل الأسلحة والمؤسّسات واحداً تلو الآخر
ومعامل الفكر الصدئ الذي يجعل المساكين يقتلون بعضهم واحداً تلو الآخر
ومحطات التلفزة التي تنشر القذارة التي تنسي الإنسان نفسه واحدةً تلوَ الأخرى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نحن من يجب أن يخجل لا أنتم
كنا لنوقفُ كل هذا بإرادتنا
ولكننا إلى الآن لم نحاول بجدية
واكتفينا بإحكام السلاسل كل ٌّ حول يديه خوفاً من الحرية 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عيونكم هذه المخبأة تحت الأغطية والشراشف 
تضعنا أمام أصعب الامتحانات
إلى أي درجة نحن بشر حقاً؟
كيف يمكن أن نكون كائنات واعية ونسمح لكل هذا الخراب بالاستمرار ليلة واحدة؟
كيف يمكن أن نكون كائنات عاطفية ونسمح لهم بوضعكم في السيارات لتهربوا من جديد؟
ألم تهربوا بما فيه الكفاية؟
ألم يحن الوقت ليحط الإنسان رحاله معلنا بدء العصر الجديد؟
ألم نأخذ من الدروس ما يكفي للعلم؟
لقد رأيتكم تهربون فيما مضى... 
رأيتكم تهربون في عزّ القوم وفي ذلهم
وكنتم دائماً بهذه النظرة الخجولة الغير مبررة
في فلسطين ولبنان وأفريقيا وألمانيا وروسيا ومحاكم التفتيش والحروب الطائفية، المدنية، الأهلية، الإقليمية، العالمية الكثيرة التي نخوضها بإصرار مقرف!!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"عندما كان الله وحيداً في هذا العالم
شعر بالملل فخلق الإنسان ليريه نفسه....
كحسناء، أرادت لهذا الجمال أن لا يبقى مستوراً
فخرجت إلى الناس وباشرتهم"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بهذه البساطة وصف أحد الكتب القديمة لغز العالم الأكبر؛ سبب خلق الإنسان!!
وها أنذا الآن محتاج إلى الصّراخ أكثر من أي وقت مضى
وأريدك أن تستمع لي بينما أفعل...

أيها الإنسان، أريدُ أن أرى جمالك ولا يعنيني في شيء أن يكون ربك جميلاً
أيها الإنسان، أريني حكمتك فلا يعنيني في شيء أن يكون ربك حكيماً
أيها الإنسان، أريني تعاطفك وقوتك وعزة نفسك وإنسانيتك فلا يهمني إن كان الله بائعاً يجول المدن ويذرع السّاحات باحثاً عن ابتسامة
أيها الإنسان، لا يعنيني أن يكون الله رحيما أو عطوفاً أو قوياً بل أريدُ أن أراك أنت على هذه الشاكلة
أيها الإنسان، أريني وجودك فلا يهمني إن كان ربك موجوداً
إيها الإنسان، لا تهرب من عينيّ، ولا تنزلق للأجوبة السهلة من قبيل هذا رجل ملحد أو هذا الكافر لا يهتم بالله... لأنني لست كما تظن أبداً
كل ما بالأمر هو أنني اريدك أنت،
أنت من يؤثر عليّ أعظم تأثير وأنا متأكد أني أفعل الشيء عينه معك.
أيها الإنسان أريدُ أن أثبت أنني موجود

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق