31‏/03‏/2012

أبناء أمي الأرض


ووجدتموني مذنباً...
يا سادة الموت ولكن
ليس ذنباً أنّ قلبي لا يكفُّ عن الضجيج ولا يقول سوى الحقيقةَ
لا ليس ذنبا أن قلبي لا يمازجه الخضوع لكائن مهما يكنْ
أو أن لي عقلاً لَيستعصي عليه الحمدُ في أفضالكم والشكر في أفضالكم
أو كلُّ ما أفضى لكمْ

ووجدتموني طائشاً في شرعكم لكنما
لا ليس طيشاً أن أميز بؤسَكم
وحقارةَ الشركات والأرباح وهي تقودكم
ونقاوة الوطن الذي دنستموه بفحشكم
وفضاعة الجرم الذي تستعذبوه بظلمكم
تتبادلون دماءنا أنخاب شعب لا يكل
وتقسمون الناسَ ظناً أننا قد نستسيغ دماء بعضٍ قد نهادنُ أو نمل

لكننا الناس وأنتم قيدنا وهو انكسرْ
سيسيِّج الأرضَ التي خربتموها بعدكم ضوء العيون وخفق قلب مستعرْ
من بعدما أثقلتمُ كاهلها الحلو بآلاف المجازر والمدافع والقنابل والمصالح والمرابح والشراكات الدنيئة والمعابد والشوارع والكثير من الصُّورْ
ونسيتموها منهكة
 تتجرع الموتَ مراراً بيننا 
لم تسألوا يا مجرمي حروبنا عمن بنى ثرواتكم حتى افتقرْ
وأجاد حرثه فاغتنيتم واستفدتم من حضارته العميقةِ ما استفدتم من ثمرْ
سنسيِّج الأطفال منكم دائما
 من كل ما يشبهكم 
فاستنشقوا هذا الهوا يا سعدكم
ريح التغيرإذ دعوناهُ حضرْ

ووجدتموني حاقداً متآمراً يا سادة الموت ولكن
ليس حقداً أن أصور بؤسكم وفجوركم
لا ليس حقداً أن أقول بأنكم خربتم الناس وما زلتم على نفس الخراب متابعين
فمن المدارس والجوامع والكنائس والمجالس والمراكز والروابط والمصانع والمنازل والأسرَّةِ والشراشف والكثير من العبيد مخدرين
إلى المخافر والجيوش إلى فلاسفة السقوط إلى الجرائد والمحطات الكثيرةِ للتزاوير الكبيرة للرشاوى والطبابة والمحاكم مفسَدين
لقائدِ الوطن الأمين
وحاكم الحصن الحصين
 ولكل ما يندي جبينْ

يُستَشغلُ الناس بعيداً كي يسدوا دَينهم
أنتم صنعتم دَينهم!!
ولكي يسدوا جوعهم
أنتم فرضتم جوعهم!!
ولكي يظلون بعيدا في طريق فارغ يبقيهم بُعد الإله وخلقه عما انسرق
ويؤمّن الجوّ المناسب يا عبيدَ النفط والغاز وقطاع الطرقْ

ووجدتموني تائها بالوهم حتى أذنيّ
عندما سألتكم أن ترحلوا
عن عمرنا المغروس بالآهات والآمالْ
عندما أجبرتكم أن ترحلوا
عن كرمنا المفروش بالنساء والأطفالِ والرجالْ
عندما أقولها بكل ما أقوى عليه من عزيمة:

لا تربطوا شعوبنا بفردتي حذائكم
إن أنتمُ رحلتمُ ننهارُ نحنُ بعدكم
لا تجعلونا سلعة لصاحبي بنوككم
ممولي كرسيَّكم وصانعي سلاحكم
لا  تدّعوا أنا لكم أو أننا شعوبكم!!
فقد عرفناكم هنا كظاهر اليدين
في حِمصنا حبيبة القلوبِ
في حوران في لبنان في
مجازر الجنوبْ
في أمريكا واليمن
في الصين والبحرين
تستعبد الشعوبْ


حروبنا عديدة عنوانها الكرامة
حروبنا للفتحِ
حربنا للنصب
حروبنا للضم
حروبنا للرفعِ للكسر وللسكونْ
حروبنا الأوّلة 
حروبنا الثانية
حروبنا المحتملة
 حروبنا المرجحة
 هي حربنا المدججة بالنار والحديد والشجونْ


لا تدعوا أنا لكم أو أننا شعوبكم!!
قد عرفناكم هنا كظاهر اليدين
تقسيمنا المذل حسب الدّين حسب العرق حسب الجنس حسب اللون
استعبادنا الحقير للبنوك للشريك للوريث للديون
جوعنا وجهلنا وموتنا المجنون
قبولنا لوضعنا وجهلنا لنفسنا تخريبنا للكون
وفي رؤوس القوم
حروبنا الجديدة
يلح تلفزيونْ!!

لكننا نقولها واضحة مختصرة
 سيسقطون دائما
صديقكم عدوكم
شرقيكم غربيكم
في ليلةٍ تحرجكم سلميتي فيما تبقى من بقاع الموت في كل البلاد
وتتابعون صراخنا وهتافنا... إصرارنا ونقاءنا
وتفاجأون
 وفي قرارتكم ترونا ننتصر فتزلزلون
وأراكمُ تستجلبون الأمن والكلاب والسياط والرّصاص
 والعبيد للتهديد والوعيد
وأراكم كم تهزمون 

شكراً لثورة وعينا ولحبنا المفتوح في كل الجهات على الرياح
شكراً لإصرار الحقيقة في قرار عيوننا لا يستباح
شكرا لشعب لا يكل ولا يمل ولا يسلم للرذيلة مرفقيه
شكرا لأم علمت أبناءها أن القلوب لهم وطن
أن الشعائر والحدود الشائكة
لا تصنعُ الأوطان
 بل تقتل الإنسان في الإنسان

فلقد رأينا نفسنا من دونكم يا سادة الدم والمرابح والحروب
ولقد تأكدنا تماماً أنكم لا لستم إلا عبيدا آخرين
إلا جناة مجرمينَ وحفنة من انتهاز
أعلامكم حدودكم أوطانكم جيوشكم قانونكم بنوككم هراؤكم
شرقيكم غربيكم
بعضُ هراءٍ في هراءٍ في هراءْ

لا تبتسم فرحاً بهم يا صاحبي
مهما تنوع شكلهم أو حزبهم أو دينهم أو لونهم
انظر ملياً كي ترى كم كنت مخدوعا بهم
كم أنهم حقاً وباءْ
لا يوجد استثناءْ

وقرصت نفسي
 وصفعت نفسي
 ورميت نفسي في الشوارع كي أفيق من المنام ولم أفق
فأنا الحقيقة يا أبي
في كل عينيّ ثائر ألقي عليّ تحيةً
 وقلِ الحقيقة لا تموتُ ولن يفارقها البريقُ ولو تنوعت الطرقْ

13‏/03‏/2012

وقد تطور مفهومي في السعادة!

نحن البشر كائنات ملتهبة... كائنات تحترق مع الوقت وتنتهي وتتغير وتولد من جديد في كل لحظة...

الصورة من فيلم آفاتار
هذا ما أحس به عندما أرى الأولاد الصغار يكبرون ويصيرون رجالا ونساء، يخافون وهم يراقبون السعادة تتساقط منهم كأوراق الشجر التائهة،  وتنزلق السكينة عن أرواحهم كحبات عرق عن جسد فلاح متعب؛ وإذ ذاك يبدأون البحث عنها وهم يستغربون كيف كانوا  قد تمتعوا بها يوماً، وكيف خسروها بكل تلك البساطة والعفوية! ولكنهم يظلون الطريق فالرجوع إلى الماضي ليس بالأمر السهل، ولن تستطيع الشجرة أن تعود شتلة صغيرة مهما حاولت... يبدو أن هذا أحد أسرار الحياة!!
  
عندما كنت أفكر في كنه الحياة وفي السعادة كنت أتجول باحثاً في عيني كل إنسان. ولكني بدأت مع الوقت أتأكد أن إيجاد الأجوبة لكل تساؤلاتنا  أمرٌ صعبٌ لدرجة الاستحالة، وتذكرت أنه لطالما كان مجرد البحث عن هذه الأجوبة بمثابة الرحلة الفضلى لي بالرغم من كل الإحباطات التي قد تتطرأ.
 وحيث أن إسكات الأسئلة في هذا الرأس الصغير كان أمراً مستحيلا فما كان عليَّ إلا أن أنتبه لآلة الوقت وأحترمها، مع الوقت تتغير الأشياء ومع التركيز يستحيل التأمل مطلقاً، تلك حقيقة علمية فالتركيز يجعلك تطفئ كل مراكز العقل وتركز كل جهودك على شيء واحد،وهذا باستطاعته أن يجلب نتائج ممتازة لمن يحاول اختراع ساعة يد أو النجاح في البكالوريا ولكنه لن يكون كذلك لمن يحاول معرفة نفسه ومعرفة الحياة، أو يتوق لتذوق طعم السعادة ولمحها من منظاره الشخصي، ذلك يتطلب عملا معاكساً من أعمال العقل وهو التأمل الذي يترك الباب مفتوحاً على كل التوقعات والأفكار والاحتمالات، يفتح للأفكار طريقين؛ واحداً للدخول وآخر واسع للخروج. مزيد من الأبواب الواسعة ومزيد من الأسئلة ومزيد من الأجوبة ومزيد من الخطوات في درب يزداد جمالاً ساعة إثر ساعة.

أليس أجدر بي أن أضرب صفحاً عن هذا الجنون الذي يصور الواقع بكلمات روحانية ومبهمة ومحبطة أيضاً؟  على الإنسان أن يتفاعل ويعيش ويخلق عالمه الصغير المتوازن فهذه هي الضرورة الأكثر إلحاحاً، عليه أن يتعلم كيف يعيش الحاضر بدلاً من استدعاء المستقبل واللجوء الهزيل إلى الماضي! عليه أن يتوقف عن ترديد ذلك والعمل على تحقيقه في كل تفاصيل حياته... لا هموم لا وصول لا نجاح ولا فشل لا لذة ولا ألم لا توقعات ولا خيبات لا إيمان كونكريتي ولا إدمان على شكل معين للحياة لا مدارس ولا كتب ولا جامعات تعج بالحمقى ولا أمول تستعبد الذي خلفك وتنزع عنك صفتك الإنسانية الأغلى وتحرمك الحرية!

قد يبدو الأمر صعبا ولكنه ينطوي على الكثير من السعادة، ينطوي على الكثير من الحياة!

كائنات تقتات على فتات الذكريات!

        
        يبدو أن هناك أشياء لا يستطيع الإنسان نسيانها، بل تلتصق به إلى الأبد وكأنها وحمة في ساعده، مع الوقت تكتسب هذه الأشياء معنى عميقاً حيث تصبح الخميرة التي أوصلت الإنسان إلى الشخص الذي أصبحه. يبدو أننا كائنات تقتات على فتات الذكريات، فالذكريات حتى الصعبة منها ذات رائحة عطرة، تذكرنا على غرابتها بأساطير لم تسنح لنا الفرصة لتحقيقها بعد ولكنها حتماً من أصدق الأشياء وأكثرها أصالة في وجودنا كبشر.

بلا تعفيس!!

مثل العادي
عمنتمشّى، وكلّ النّاس الهون بتعرف
 قمّة الخيال العلمي طقس سويدا بنصّ الليل!


مخلوقين وزهمة بردْ!!
تلاثتنا من نفس الحارة، كلّ جنون العالم فينا، ومش عارف شو فينا بعدْ!
مكركبين وعمنستنّى من غامض علمو تغييرْ
ممكن نتغيّر بالصّدفة، بقدرة قادر، إلها بالعادي وبتصيرْ
وعن سكتتنا، وعن سلبيتنا البتهوّي، وإنو الحق بيغلب بكرة؛
لا تطوش ربي بأفكارك، شبعان علاك وتنظير!
عادي والله الموضوع، الشغلة شغلة وقت وبس، وبكرة بتفهم وبتتذكر،
هالضّيف اعتدنا عا وجودو، منا وفينا هالتّعثيرْ!


لو فينا نلاقي شي شط نزتّ هالأحلام عليه
شي مينا نرسي عحفافو، غصن نجاص نجذف فيه
كل مالا الحالة عبتصعبْ ،
وقلوب النّاس التّلفاني ومش ناقصها عم تتغرّب
شو يعني رح نبقى هيك مبلكمين؟
كذب الحكّام ومفقرنا ومفرّقنا وخرسانين!!
حوّلونا لعبيدْ!
عايشين الدّنيا بالإسم، بمجراها ما إلنا إيدْ!!
ملعون العمر من جذورو لو بنّا نعيشو من بعيدْ
نسرق هالبسمة بالزّور، ونستنا النهاراللي جاي
بلكي بينشف هالتّعقيدْ!
بلكي بيخلص أو بيملّ وعالليلة لو نستفيدْ!!


اختنقنا والله من القهر، من الغمّ ومن ضيق الحالْ!
وحرّيتنا الفلتناها... ضيّعناها
عمرا ما تكون الحريّة، ومن أصلو بلا هالإرسالْ!
تماثيلا عبّت هالعالم، فرشوها بكل السّاحات
وعلى قفا مين يشيلْ،
يا حبيبي عالتّسطيل!!


هلكنا من اللفّ ووقّفنا،
وفتنا اشترينا بيرة من واحد بيسهر للصّبح بمحلو و عندو بيرة
وقعدنا وقتا شي ساعة ندردش عا حفة الرّصيفْ
مخلوقين ونسمة صغيرة وبيرة بتدوخ عالخفيفْ


كلّ ما اجتمعنا بالحارة وسالت عالأرض الأحلام
بسأل حالي:
شو بدّك ياخي بالأسبابْ، مين الودّى ومين الجابْ!!؟
كلا عالفاضي وحياتك وجعة راسك يا حبّابْ!!
خوفك والدّهشة بيتلاشو بس تكسر إجرك هالعتمة
وتبدا تعرف قصّة عمرك من البوابة للمحرابْ!!


لو نخسر أنفسنا فكرك رح نربح شي شغلة بعد؟
وأسهمنا بعيش الحياة وحقنا بالأحلام الحلوة
ما رح تتحصل بالسكوت ولا رح بيفيد التنهيف
 مش طرش وجهل تعليفْ!


بلا اعتقالات وكل ساعة
 واحد فايت على السجن وواحد طالع شكلو مغيّر مدري كيفْ 
وهالأرض بتنزف تحتينا
والشجر بيكي علينا
 نطفنا قلب الأكوان، كرهتنا والله الأرض
ومتل تلاميذ المدارس
ضحكة غبية وتكتيف


ملينا من النوم ولو
حاجتنا والله هلكنا
وهالشغلات العبتصيرخلتنا نتحول قردة

داخل على ربك طمني وقلي إنك حاسس متلي
بنوك العالم كلها زور وحروبن والله ِ زور
أنظمة العالم كلياتا
على جهل العالم مبنية وعسكوتك متل الأليف


دخيلك بلا هالتعفيسْ
تبع الخطابات الرنانة وإنو دمك فدى سلطان
مين ما كان
ما حدا أحسن منك خيي
شدلي حيلك واتنشط وشوف الدنيا من صمتك وخنوعك كيف
ناس بتفطس من الجوع ومن الحرب
 وناس بتركض عالمناظرعالأمان وعالتزييف وعالتنحيف!!


يا أموراً يا لطيف!!

النمو والتغير وجه ثان للسعادة!



مرور الوقت بالنسبة لي يعتبر إيذاناً بتغييرات جديدة على جميع الصعد، فتطفو على السطح قناعات جديدة وتفقد تلك القناعات القديمة الراسخة رسوخ الوشم استقرارها ليحل محلها الشك. كثيراً ما فكرت أن الإيمان الطفلي أرحم بكثير، إنه أرض متينة للسعادة في الحياة، أو قل للإيمان الذي يساعد الناس على تحقيق هذا الأمان الوهمي الذي اتفق زورا وبهتاناً على تسميته سعادة. فبالرغم من أن ذلك اليوم الذي كنت فيه أؤمن بالأشياء دون صعوبة أصبح مجرد حلم قديم لن يعود  فإنني ما زلت أتلهف للالتقاء بأولئك الناس الذي يميلون في كلامهم وطريقة حياتهم إلى البساطة والروحانية في عالم أغرقته الماديات وجعلت منه جسداً خاوياً لا روح فيه ولا نبض، في عالم تتنازعه الأهواء وتحكمه المصالح الأنانية لثلة من المتمكنين!!

في ما مضى وعندما كنت ألتقي بأولئك "الروحانيين" كنت آخذ الكلام من أفواههم بكامل الثقة وكأنه الصواب المطلق والحق الوحيد، أما اليوم فقد تغيرت كثيراً وأصبحت لا أجد غضاضة في أن أقف بوضوح وصخب لأقول "أنا لا أتفق مع هذي الفكرة حتى ولو اقتنع بها العالم قاطبة"، أو مثلاً "لا يسعني تصديق ذلك حتى ولو ذكر عن لسان مليوني قديس" وعليه فقد صرت مبعثاً للشك في الكثير من المناسبات. كنت قديماً أقرأ بنهم في تلك الكتب الاجتماعية والنفسية والسرية المليئة بالرموز والأشياء الغريبة عن ولادة ذاتية محضة ولكنها مرسومة بأقلام الخلود فلا يبدلها فكر، ولا يعكر صفوها خاطر، فأظن إذ أغوص في عوالمها أن العلم هو قراءة الكتب والاستغراق في علوم الأولين، ولكني بتُّ اليوم أشعر أن تسليمي الأعمى ذلك لم يكن سوى قبول العاجز لعلم فوق طاقته، أو لشيء كان متوسما فيه العلم ولم يكن في كثير من الأحيان علماً بل كان استلاباً أعمى لشخوص بدت أكبر من حجمها الأصلي في عيني صبي صغير كان يتلهف للمعرفة ويبحث عنها حتى في قاع الدنس. وهذا ما يفسر أن الكثيرين والكثيرات من أصدقائي والناس المقربين مني كانوا يقولون بأني "ملحد" ويتداولون ذلك بينهم، وهو ما كان يؤرقني ويزعجني في سني نموي واستقلالي الأولى! كنت أعرف أن هذه الكلمة تنطوي على الكثير من المعاني ومن ضمنها أن  الشخص الذي يسمى "ملحداً" لا يؤمن بوجود قوة فاعلة في هذا الكون، محركة له متحركة به؛ ولطالما شعرت بأن ذلك حيف في قرارة نفسي، صحيح أن الله الذي يتكلم عنه الناس لا يشبه الإله الذي أستشعر وجوده في الغالب ولكن عزائي أن ما ألمسه كان أجدر وأكثر مصداقية من نظرياتهم المختلفة عن شيء لا يستطيعون أنفسهم إعطائي أبسط التفاسير عنه. والآن أرى الأمور بوضوح نسبي وبمنظار آخر فنظرياتهم المقدسة تلك كانت وما زالت مجرد عكازات قد تحتاجها يوماً في رحلتك ولكنك ستكون مجنوناً بلا ريب وأنت تتمسك بعكازيك في حين بإمكانك أن تعدو بسرعة الريح دون حاجتك إليها.
الأمور أغرب مما تبدو عليه فهل هناك من يدري ما الذي يحصل حقاً؟ الأسئلة نفسها تتكرر وتدور في رأسي كل مرة بصياغات جديدة ونكهات مختلفة. هل حقا أن الناس تتجادل كما قال أفلاطون فتختلف على انعكاسات تلك الأشباح على جدران كهوفها المشوهة؟ ولهذا السبب تتقاتل بغباء على معانيها الحقيقة التي لا يعرف أحد منهم عنها شيئاً!! 
الجميل في الأمر والصعب فيه على حد سواء أنهم يقفون عاجزين لحظة انكشاف الحقيقة، التي تخاطبهم كما لو كانوا صبياناً صغاراً أو بنات يربطن ظفيرتين خلف أذنين ورديتين، وبغض النظر عن مراكزهم الاجتماعية أو الدينية... فمنهم من يتنبه وهو يشاهد نفسه تولد من جديد؛ حمل ومخاض وولادة ، وينظر حواليه في كل مرة ليرى الأشياء وكأنه يراها بوضوح للمرة الأولى، مع أن هذا الوضوح قد يكون سراب ووهم بعد يوم أو اثنين إلا أنه حدث مهم في حينه. ومنهم من لا يعطي لكل ذلك بالاً ويصم أذنيه عن نداءات الحياة فيعيش باحثاً عن السعادة التي لن يجدها في  المستقبل ولن يلقاها في شيء بعد الآن.

أين هو إنسان اليوم بكل وحشيته واستغلاله وضحالته وتسيبه من كل هذا؟نأن ن

11‏/03‏/2012

على وجهة السفينة أن تتغير 1


منذ البداية كان سكوت الناس على هذه الأنظمة وهي تقتل وتعتقل وتأخذ الضرائب وتفرض الشروط وتفتش البيوت والعقول فتزيد الناس تخلفاً والمؤسسات خراباً سهل التبرير وواضح السبب، فهذه بالضبط هي إرادة من بنى هذه المجتمعات الهشة في نهاية المطاف! إنها حرب معلنة يشنها رجال حقيقيين من لحم ودم وفضلات يسعون للسيطرة والربح وتوسيع إمبراطورياتهم مستعينين بالحكومات التي يتلاعبون بها ويمتلكون قراراتها بامتلاك سياسييها الذين كانوا سببا وراء نجاحهم - كما هو معروف - وحربهم هذه حرب يشنها الـمتنفعون القلائل من نظام جائر يسحق فيما يسحق الشريحة الأكبر من سكان الكوكب الأزرق من حيوانات ونباتات وجماد وبشر بكل وقاحة!
مزيد من السرقات والتوزيع الغير عادل للثروة وتخريب الطبيعة والتلاعب الاجتماعي؛ مزيد من الندرة والشلل التكنولوجي ومزيد من المجاعات والفقر والخراب وبالتالي مزيدٌ ومزيدٌ من السلطة والسيطرة المطلقة والخراب الحتمي والحروب التي لا مفر منها!
وإذ يدرك الناس على وجه كوكبنا الجميل الأزرق كل هذا، بدأت تهتز المياه على وقع أقدام الفيلة القادمة لإنقاذ ما تبقى. فأوهام السياسيين وأحلام المصرفيين الذين يقتصر عملهم على اختراع حروب جديدة مربحة لم تعد تنطلي على الجموع باضطراد وها هي الأسئلة تبدأ بالدوران من جديد لتبحث عن سبب هذا الخراب! ولكن هؤلاء الأباطرة راحوا يختلقون الحجج ويفجرون المباني وأنفاق القطارات ويملأون التلفاز بقصص العنف وأفلام الذعر والأخبار المتواصلة التي تقول لهم /اجلسوا في منازلكم واشكروا الحكومة لأنكم ما زلتم أحياء في هذا العالم المتفجر/ ويملأون أدمغتهم بالوطنية والقومية والعرقية والطائفية والأيديولوجيات المختلفة ليضمنوا رضوخهم الحتمي ويكون هذا أساساً لتدخلاتهم السافرة والمشوِّهة في شؤون الناس وحيواتهم الشخصية.  وفي السيطرة الاجتماعية المطلقة!
تبث محطات التلفزة المملوكة لهم أصلاً صور الأشلاء والحوادث والانتحارات والتفجيرات إلى جانب الجنس والضحالة والكثير الكثير من التسلية، ودائماً توجد المبررات للحد من الحريات والإطباق على الصدور والقلوب باسم الإرهاب حينا وبأسماء أخرى كالديمقراطية ونشر حقوق الإنسان حينا آخر.
  
 خوفهم على أن يصحوَ الناس من أوهام الديمقراطية كان كفيلاً بتبني إحباط  كل هذه الثورات تحسباً لما قد ينجم من تغييرات كبيرة في عالم السياسية عندما يتبين للشعوب المقهورة كم هي محكومة زوراً وبهتاناً وكم هي مسروقة ومستهان بها، وكم أن هذه القلة القليلة من الناس الذين يعتبرون أنفسهم صفوة تستغل مقدراتهم وقوتهم وطاقتهم وتتاجر بهم لتحيلهم إلى مستهلكين أغبياء وسلع صماء لا علم لها ولا قوة، تنخفض قيمتها وترتفع بحسب شروط وأسعار السوق!!

وبالنتيجة على ماذا حصلنا؟ لقد حصلنا على منتج غريب كئيب؛ إنسان مفرغ من كل حرية، عبد لكل سلطة تطرأ، مقيد بالمال والكثير من القوانين التي تحتم عليه البقاء بنير عبوديته من الفجر إلى الفجر وفي أي "دولة" كان وما أكثر الدول! حصلنا على المزيد من الدول والمزيد من الأديان، والمزيد من الإرهاب، والمزيد من "البشر-الذئاب" الذين أسسوا مجتمعا قائما على المنافسة والندرة المختلقتان أصلا واللتان تدعمان النظام وبدونهما يسقط ويتداعى بالتأكيد! وفي غمرة  هذه الدوامة النذلة تصطف جموع غفيرة من البشر الفاقدي بريق الأعين ليرددوا صباح مساء أن الطمع غريزة في الإنسان وأن الإنسان بطبعه ميال للعنف وأن القتال غريزة وكأنهم أمضوا حياتهم في البحث والتقصي عن نفس الإنسان! بالنتيجة النهائية مزيد من التقسيم ومزيد من الحروب الطويلة الأمد قدر الإمكان ومزيد من النفط والغاز والمزيد من تخريب البيئة وتخلف الإنسان والمزيد المزيد من الواهمين الذين لا يكفون عن التصفيق لجلالة السلطان الذي وعدهم بالجنة يوماً ما بعد انقضاء هذه الحياة ومزيد من الأرباح الخيالية والسيارات الفخمة والمزارع والقصور والمؤسسات والحكومات.... بالمختصر مزيد من السلطة المطلقة التي تؤدي إلى الفساد الحتمي!

الانتصار المذل والحروب المجيدة!

ما زالت نسرين تذكر تلك الصبية الجميلة بتنورتها الحمراء التي تصل إلى أسفل ركبتها وهي تدخل الصف بنشاط. كان الكثير من حب الشباب يملأ وجهها، أما عملها فكان معلمة "فنون" في مدرسة "فلسطين" الابتدائية، دخلت إلى الصف وكان هذا أول درس لها هذا العام.

    توجهت إلى "السبورة" ورسمت مستطيلاً كبيراً لونته بشيء من القرف الذي لا يمت للألوان بصلة وعلى التوالي بالأحمر والأبيض والأسود ووضعت نجمتين صغيرتين في منتصفه، ثم استدارت إلى الأولاد والبنات الجالسين بانتظام المستجدين المعهود، وسألتهم: علم مين هذا يلي رسمتو على السبّورة؟ فرفع الأطفال أيديهم بنشوة، وأجاب أحدهم بعد أن وقع اختيار المعلمة عليه فوراً وقال: علم سوريا آنسة! كان ذلك صحيحاً فقالت المعلمة للتلاميذ الذين علت أصواتهم عن ذي قبل بأن يصفقوا لصديقهم، وراحت تقص عليهم القصص كيف تم اختيار هذه الألوان بالتحديد لتمثل علم دولتهم التي شاءت الظروف أن يولدوا فيها وليس في اسطنبول أو فوكوشيما أو نيويورك.


 ثم استدارت من جديد لترسم بطباشيرها الكثيرة التي حيرت نسرين حينها وكانت تجلس في المقعد الأول بجانب صفوان ابن عمها ولبنى صديقتها. وفرغت من رسم مستطيل آخر على الجهة الثانية من السبورة ولونته بالأزرق ثم بالأبيض ثم بالأزرق من جديد واستدارت تحو التلاميذ قائلة وهم يتابعون بعيونهم الشغوفة: وهذا علم الكيان الاسرائيلي. وبعد قليل من الكلام عن إسرائيل والصّراع الأبدي مع سوريا وكيف أن اسرائيل كانت لتحتل سوريا لولا جيشنا الصّامد وقيادة القائد الخالد الذين دحراها في حرب تشرين التحريرية، وطلبت من الطلاب الشغوفين للمعرفة أن يرسموا صوراً يتخيلوها لحرب تشرين عندما يعودوا للمنزل.

*  *  *  *  * 

كان الأطفال الصغار حديثوا العهد في الحياة بعد، فالسنوات السبع أو الثمان التي قضوها في هذا العالم لم تكن كافية ليعرفوا أنهم أتوا على عالم مليء بالمفاجآت والمؤامرات والخيانات! فراحوا يستخدمون ألوانهم بترف وهم يرسمون الشمس والدبابات والجنود الإسرائيليين بوجوههم البشعة والدماء تنز من أجسادهم المجروحة.


*  *  *  *  * 

عندما عادت إلى البيت في ذلك اليوم من شهر أيلول، كان الخريف يطرق أبواب قريتهم برياحه المفاجئة وعواصف الغبار التي يثيرها ولم يكن هنالك الكثير من الأوراق في الشارع كما كانت تقرأ عن في الكتب عن الخريف. لم يكن في القرية الكثير من أوراق الأشجار أصلاً، فباستثناء بعض أشجار الزيتون التي تغطي مساحة لا بأس بها والتينة الكبيرة على مدخل بيتهم وشجرة الكينا المعمرة في أرض دار عمها "راضي" لا تكاد تعرف أي أشجار أخرى!

 كانت تفكر فيما حدث معها اليوم في المدرسة وفيما سمعت من آنسة الرّسم على وجه الخصوص؛ عن الأوقات التي خاضها الآباء في تلك الحرب الصّعبة والتي بسببها ينعم الناس بالأمان والرخاء الآن، عن القائد الخالد وحنكته وعن جيشنا الباسل وإنسانيته وقوته كما قالت الآنسة. وبقيَ دماغها الصّغير متحيراً في طبيعة الرّسمة التي يجب أن تنفذها.
فرشت أقلامها حواليها وراحت ترسم على دفترها الجديد بحماسة بنت في الثامنة من العمر تحاول التعبير عن نفسها بجد. ابتدأت بعلم إسرائيل بلونيه الأزرق والأبيض مغروساً على إحدى القمم العالية في البعيد ودبابة سورية تطلق قذيفة على هذا العلم من مكان قريب، لكنها لم تستطع أن تجعل ذلك يبدو حقيقياً بالرغم من محاولاتها العديدة، فمحت العلم الإسرائيلي وغرست مكانه العلم السّوري بألوانه الأربعة وقد خرجت الألوان عن الإطار الذي كانت قد وضعته مسبقاً للعلم الذي يبلغ نصف حجم الجبل تقريباً وعلى قمة أخرى وضعت علماً إسرائيلياً ولم تعرف ما تفعل بعدها، فقامت بتمزيق الورقة وبدأت من جديد...

كان هناك دخان في الجو عبّرت عنه نسرين بالكثير من الخربشات الداكنة بقلم التلوين الأسود، وجندي إسرائيلي يضع خوذة عليها نجمة سليمان التي لم تكن تعرف بعد أنها أقدم من إسرائيل بآلاف السنين، وكان هذا الجندي ينزف بشكل مزر فقد امتلأت اللوحة باللون الاحمر القرمزي الذي راح يتسرب على ما حوله من أشياء حتى أنه صبغ ظاهر يدها بلونه المخيف، فبدا حقيقياً للغاية، وفوق هذا الجندي كان ينحني إنسانٌ آخر يحمل علم سوريا وهو يطلق النار عليه عن قرب. في الجانب دبابة سورية تطلق قذيفة في الجو ، قذيفة بدت على شكل حجر ملتهب طائر وكأنه مرمي بمنجنيق. وعندما انتهت نظرت إلى اللوحة التي أصبحت جاهزة الآن ولم تكد تشعر بشيء في البداية ولكنها أحست بشظية في رأسها تدفعها للجنون...

أحست للمرة الأولى بأن ما صنعته كان قاسيا ًولا إنسانياً جداً فحتى جراح الأعداء تشيع الحزن في القلب عندما تنزف، كان ذلك مشهداً مأساوياً لا يساويه مشهد، فحملت دفترها وركضت إلى أمها التي كانت تعد شيئاً ما في المطبخ، وأمسكت بتنورتها السّوداء وراحت تجهش بالبكاء!


 وبعد عدة أيام وبعد أن شاهدت المدرِّسة الوظيفة قامت بتمزيق الورقة ورمتها في سلة المهملات وهي تشعر بمزيج من المشاعر المتضاربة التي لم تستطع تفسيرها.

*  *  *  *  * 

       لم تكن تعرف أن الانتصار قذر أيضاً، وأن الحروب "المجيدة" تحمل تفاصيل مذلة لهذه الدرجة!

      واليوم وبعد سنوات طويلة من ذلك الحادث أصبحت نسرين على ثقة بأن هذه الحروب هي مهازل كبيرة فالكائنات البشرية جميعها تربطها صلة عظيمة مع بعضها البعض ومع "الأم الأرض" كما يحلو لها تسمية هذا الكوكب السابح في فضاء الكون الرحب.

10‏/03‏/2012

شو عبالك لو تتغير

حابب غني بدي غني
هالصوت الخانقلي صوتي بدو يفجرني أو يطلع
حابب صرّخ، بدي صرّخ، مش رح وفّر ذرة صوت
تسكتنيش وتقليش استنى شوي وطول بالك
يا ويلي شو مرّّ سنين وشو خسرنا طاقة كرمالك
شو زادت فينا الأمراض وكلو بجرة طولة بالك
وإنت محير مدري مخير مدري مسير
والعمر الراكض مستعجل عبيسحب منك أيامك
عبيسرقلك منك حالك
وإنت تفكر:
هالصوت الخانقلي صوتي بدو يفجرني أو يطلع
وبعدا بتخرس مثل العادي
وترضى تسكر عالموضوع وتقنع حالك
يمكن بكرة شمسو أحسنْ
يمكن هالدنيا تتحسن
يخلص عتم الليل الحالك
ويقوا هالضوّ المتهالك


وعالسكت بتمضى الأيام وإنت مثلج
مسكت نبضاتك بالوهم مكربس هالروح بإيديك
مكربس حالك بأمثالك وبإدمانك عإيمانك بأوهامك
شو عبالك يا حبيبي لو تتغير شو عبالك
شو عبالك يا حبيبي لو تتغير شو عبالك
صوب الضو تسافر تاخذ قارب أيامك لبعيد
تغني تعيش تموت تسابق هالألوان
وتشبه نفسك بالتحديد


حرك هالقلب بتتحرك
حرك إيدك حرك إجرك
كل الدنيا بتوقف جنبك بس إنت اتأكد شو بدك


حابب غنّي وهالصّوت الخانقلي صوتي يملي الدنيا بالألحان
بدل الجهل الحارق قلب العالم حرق
بدل الموت بسبب الجوع وسبب العنف وضيق الأفق
بنا نغني ونعمل فرق

على وجهة السفينة أن تتغير 2

 مما لا شك فيه أنه تصرف شجاع أن يحاول الناس بعد كل ما مورس ضدهم أن يهبوا للتخلص من القيود التي فرضت عليهم ومنعتهم من التحليق في مدارهم الطبيعي، إنه تصرف شجاع ونبيل ويعبر تماماً عن الروح الإنسانية التي لا تعرف الحدود ولا يوقف تدفقها الخوف. كم سيكون شيئاً رائعاً لو ينزل الجميع إلى الشارع ويحتلوه حتى تعود إليهم حقوقهم الطبيعية! وإلا فما الذي يعطي "هذه النخبة الملعونة" أي حق بأن تصادر حرياتنا الشخصية وتسلبنا لقمة العيش لتتحكم بمقاليد الأمور؟  وما الذي – غير صمتنا – يفسح لها المجال بأن تقضي على محاولاتنا في بناء مجتمع إنساني بحق؟ نظرة صغيرة إلى نظم تعليمنا المنهارة والفاسدة وستعرف بأنها إحدى العقبات التي يضعونها بمنهجية لتخريب العقول وتفقيس المزيد من الدجاج المعلف الغير قادر على التفكير، نظرة خاطفة أخرى للصراع الحتمي بين التكنولوجيا والإنسان في مجال العمالة ستجعلك ترى كم أن إنسان هذه الأيام أصبح عبداً كما لم يكن يوماً، كان العبيد فيما مضى يُسكنون ويُطعمون أما اليوم فيأخذون مالاً بالمقابل وهذا المال بالطبع لا يكفي مهما حاول العبد أن يفعل لأن النظام نفسه الذي يوسم هذا العصر مبني أساساً على فكرة استعباده وهي مدروسة بعناية لكي لا تكفيه هذه القطع النقدية مهما فعل، وهذا ينطبق أيضاً على الدول ولذلك ستبقى الحروب والمجاعات والأمراض النفسية والاجتماعية. نظرة سريعة على الطب والمشافي وماذا عسانا نقول في هذا المجال إذا كنت لا تدري إذا قال لك الطبيب يجب عليك أن تقوم بهذا العمل الجراحي أو ذلك إن كان حقاً يجب عمله أو أنه فقط يحاول جني مزيد من الأرباح ليتم ثمن مزرعته الجديدة!
وضع الإنسان في الفترة الأخيرة ملفت للنظر وهو يعيش حياة لا تتوافق أبداً مع ما توصل إليه العلم والتطور التقني الذي حققه في كل المجالات. باستطاعة الإنسان أن يعيش في الجنة لولا هذه "النخبة" التي تضع العصي في دواليب التقدم التكنولوجي وتقوم باستعباد الناس وإشعال الحروب بما يخدم مصالحهم التي لا تنتهي. ما نحتاجه حقاً هو كوكب خال من السياسيين وهذا أهون الأشياء تطبيقاً وإقناعاً فما كان السياسيون يوماً خبراء بالحياة، إنهم أغبياء يمثلون مصالح كثيراً ما يجهلونها، وهم يعلنون الحروب ويقرون المصاريف ويؤخرون الجنس البشري ويمنعونه من التقدم!
عندما يدرك الناس ذلك - وقد بدأوا في الواقع على نطاق ضيق ولكنه قد يتسع قريباً- وينزلوا إلى الشوارع ويعرفوا من هو العدو الحقيقي المبتسم أبداً على صفحات مجلاتهم وجرائدهم، الصانع الأعظم للمنجزات التي يفترض أنها صححت حياتهم، الميسر لهم بحلمه وعفوه الكثير من التسلية والمسلسلات التي لا حصر لها ولا فائدة في عالم يغمره الظلم وتطغى عليه وتسيره المصالح والأرباح! لو يدركوا ذلك وينزلوا إلى الشارع بدلا من أن يجلسوا بغباء ليتنقلوا بين برامج التلفاز المتشابهة لكان العالم قد تغيرحتماً للأفضل. ولكن لا تستطيع أن تلومهم أيضاً فهم جزء من الخطة وجميع ردود أفعالهم متوقعة بل ومبرمجة أصلاً.

وإذا أمعنا التفكير فسنتوصل لإيجاد حلول أخرى غير هذه المؤسسات البالية، سنتوصل إلى حلول حيث ليس هنالك مال يمسك الإنسان من رقبته، لا ولا جيوش ولا حتى مدارس، ولا عمل يستعبد هذه الكائنات الجميلة بأعينها البراقة! سيعمل الإنسان على تشغيل الكثير من الخلايا العصبية التي طال بها الانتظار، وسيصير أخيراً لدينا على هذا الكوكب مجتمع مدني حيث يُحترم الإنسان ورأي الإنسان وكرامة الإنسان ويُعمل على جعله محور كل تقدم، وغاية كل علم، وأساساً لكل تغيير، ونرفض أن تواجه الصدور العارية بالرصاص الحي كالعادة، لقد مللنا وآن الأوان لتعرفوا أن أنظمتكم عفى عليها الزمن، وأنه قد آن الآوان لوجهة هذه السفينة أن تتغير!


*- من مسودة رواية (كان على وشك أن يدرَك)

01‏/03‏/2012

إلى صديقتي الأمريكية نولا!



 
ما أنبل دموع إنسان تطهر الأرض التي دنسها الربح وخربتها الشركات والسيطرة...
رأيت الله في هذي الدموع الثمينة

في بلادي يبكي الناس أيضاً
ويتاجر بهم صباح ومساء
تتسارع الأحداث
أو ربما تبدو كذلك لأننا انخرطنا فيها أكثر
كانت متسارعة على الناس في الصومال منذ زمن
وفي العراق كان النهار ينتهي بمئات القتلى أحياناً
في إفريقيا خزان الثروات والعناصر المسروقة يموت الناس بالملايين سنوياً من الجوع
وفي الولايات المتحدة يهتف المتظاهرون بأن الديمقراطية كذبة وإهانة لتفكيرهم
في حين يسيطر الإعلام على الناس ويرسلهم في سبات مقرف
وفي روسيا يتهمون الحكومة بالتزوير
وفي بيروت وأفغانستان وبنما والإكوادور وفينزويلا وجنوب أفريقيا والبرازيل
يحاولون سرقة الناس وثروات الناس  بكل الوسائل!
وهم أنفسهم كل مرة
المجرمون الذي أطاحوا بمصدّق إيران وعمر توريخوس البنمي الحر
وحاولو مع  تشافيز وفشلوا فكانت انتصارا عظيماً لأمريكا اللاتينية
لتتخلص من سطوة الشمال وشركاته العظمى
إنهم البنكيون الدوليون الذي يحاولون سرقة العالم كله على غرار أفغانستان 
ذوو التاريخ الأسود المليء بالعنف والاغتيالات والقوانين البنكية التي جلبت العبودية
وزادت القتلى من الجوع كل عام

واليوم وصل البلّ إلى الذقن فشعرنا بالخطر
ورحنا نفكر بتغيير النظام
في حين أن المطلوب هو ليس تغييراً سطحياً للنظام
ليس تبديلا للنظام ولا للرئيس فهما مجرد شكل فارغ ليس له قيمة

 في حين يذهب الرؤساء ويجيؤون على المكاتب السياسية كالباب الدوار
تبقى تعاستنا ويزداد فقرنا وعبوديتنا وتسلط الأنظمة القمعية علينا

التغييرالمطلوب اليوم هو تغيير جوهري في نظرة الإنسان إلى العالم والوجود
إلى الأعلام والأوطان والأديان والبشر الآخرين
ممن تلتمع أعينهم بنفس النور في عينيك
ويشعرون بالجوع وفقدان الطاقة من قلة الأكل
ويبكي أولادهم إذا شعروا بالحزن!!
لا يهمني أن يخرج ما أقول جميلا ومرونقاً ومحبوبا
فالجمال خدعة في عالم يذبح فيه الناس وقوداً لمصالح أولئك في القمة
ونحن يا صديقتي الإمريكية لا نعني لهؤلاء السياسيين والمؤسسات التي يصنعونها في شيء
ولا نعني للمشرعين والقوانين التي يحرمونها ويحللونها في شيء
لا نعني لروسيا إلا إذا كنا مشروعاً رابحاً 
وكرامتنا ليست غالية على هيلاري كلينتون كما ذكرتِ لي!
وعندما تبجحَّت بأن دم حمزة الخطيب لن يذهب هدراً قلت أنك شعرتِ بالعارمن كونك أمريكية
فبعد كل الذي فعله البنكيون في العالم المحطم 
ما زالوا يمتلكون الوقاحة للتكلم باسم الشعوب والمظاليم!!!

أنا أحب نفسي بترف
وأحب هذا العالم الذي لا يتورعون عن تخريبه صباح مساء
وسأحارب التعتيم الغبي الذي أدى إلى تصنيفنا إلى عالم ثالث
وعالم ثاني وأول على هواهم ومصالحهم!
حيث يزداد الجوعى جوعاً، وتدير الجموع ظهورها بغباء لأكبر جرائم البشرية
عندما يتحكم المال بالناس ويموت المرضى على أبواب المشافي
ولا تستطيع فتاة في الثامنة عشرة إصلاح سنها الأمامي الأسود القبيح
لأنها لا تملك المال!!

طردوكِ اليوم من هذه الساحة يا صديقتي
ولطالما طردونا من كل السّاحات حماية لنفس السّادة والأباطرة
الذين يديرون دفة هذا العالم الملعون بحقد بعيونهم الجشعة وقلوبهم التي لا تعرف الرحمة
حماية لبنكيين لا يفكرون بنا ولا بأسرنا ولا بمجتمعنا
كل هدفهم السيطرة وتوسيع الربح والشركات الاحتكارية
التي أصبحت كالسوس الذي ينخر الإنسانية

فلنحتل الشوارع يا غاليتي لأننا من صنعها أصلا
ولنحتل الأبنية لأنها من عرق أبنائنا
ولنحتل الكوكب الجميل الأزرق الذي حولوه إلى مستعمرة حديدية يموت فيها الجوعى بالملايين!
وإن كانوا يملكون صكوك تقول بملكيتهم لها
فلنحرقها بنار هندية ولنرقص على أصوات الكمنجات

قريباً سنودع كل هذه الحماقات  لأنها تؤخر البشر سنوات وسنوات عن تحقيق حلمهم الأكيد بالحرية....

ملاحظة: الصورة أعلاه ليست صورة  نولا، بل صورة من الأنترنت.