11‏/03‏/2012

على وجهة السفينة أن تتغير 1


منذ البداية كان سكوت الناس على هذه الأنظمة وهي تقتل وتعتقل وتأخذ الضرائب وتفرض الشروط وتفتش البيوت والعقول فتزيد الناس تخلفاً والمؤسسات خراباً سهل التبرير وواضح السبب، فهذه بالضبط هي إرادة من بنى هذه المجتمعات الهشة في نهاية المطاف! إنها حرب معلنة يشنها رجال حقيقيين من لحم ودم وفضلات يسعون للسيطرة والربح وتوسيع إمبراطورياتهم مستعينين بالحكومات التي يتلاعبون بها ويمتلكون قراراتها بامتلاك سياسييها الذين كانوا سببا وراء نجاحهم - كما هو معروف - وحربهم هذه حرب يشنها الـمتنفعون القلائل من نظام جائر يسحق فيما يسحق الشريحة الأكبر من سكان الكوكب الأزرق من حيوانات ونباتات وجماد وبشر بكل وقاحة!
مزيد من السرقات والتوزيع الغير عادل للثروة وتخريب الطبيعة والتلاعب الاجتماعي؛ مزيد من الندرة والشلل التكنولوجي ومزيد من المجاعات والفقر والخراب وبالتالي مزيدٌ ومزيدٌ من السلطة والسيطرة المطلقة والخراب الحتمي والحروب التي لا مفر منها!
وإذ يدرك الناس على وجه كوكبنا الجميل الأزرق كل هذا، بدأت تهتز المياه على وقع أقدام الفيلة القادمة لإنقاذ ما تبقى. فأوهام السياسيين وأحلام المصرفيين الذين يقتصر عملهم على اختراع حروب جديدة مربحة لم تعد تنطلي على الجموع باضطراد وها هي الأسئلة تبدأ بالدوران من جديد لتبحث عن سبب هذا الخراب! ولكن هؤلاء الأباطرة راحوا يختلقون الحجج ويفجرون المباني وأنفاق القطارات ويملأون التلفاز بقصص العنف وأفلام الذعر والأخبار المتواصلة التي تقول لهم /اجلسوا في منازلكم واشكروا الحكومة لأنكم ما زلتم أحياء في هذا العالم المتفجر/ ويملأون أدمغتهم بالوطنية والقومية والعرقية والطائفية والأيديولوجيات المختلفة ليضمنوا رضوخهم الحتمي ويكون هذا أساساً لتدخلاتهم السافرة والمشوِّهة في شؤون الناس وحيواتهم الشخصية.  وفي السيطرة الاجتماعية المطلقة!
تبث محطات التلفزة المملوكة لهم أصلاً صور الأشلاء والحوادث والانتحارات والتفجيرات إلى جانب الجنس والضحالة والكثير الكثير من التسلية، ودائماً توجد المبررات للحد من الحريات والإطباق على الصدور والقلوب باسم الإرهاب حينا وبأسماء أخرى كالديمقراطية ونشر حقوق الإنسان حينا آخر.
  
 خوفهم على أن يصحوَ الناس من أوهام الديمقراطية كان كفيلاً بتبني إحباط  كل هذه الثورات تحسباً لما قد ينجم من تغييرات كبيرة في عالم السياسية عندما يتبين للشعوب المقهورة كم هي محكومة زوراً وبهتاناً وكم هي مسروقة ومستهان بها، وكم أن هذه القلة القليلة من الناس الذين يعتبرون أنفسهم صفوة تستغل مقدراتهم وقوتهم وطاقتهم وتتاجر بهم لتحيلهم إلى مستهلكين أغبياء وسلع صماء لا علم لها ولا قوة، تنخفض قيمتها وترتفع بحسب شروط وأسعار السوق!!

وبالنتيجة على ماذا حصلنا؟ لقد حصلنا على منتج غريب كئيب؛ إنسان مفرغ من كل حرية، عبد لكل سلطة تطرأ، مقيد بالمال والكثير من القوانين التي تحتم عليه البقاء بنير عبوديته من الفجر إلى الفجر وفي أي "دولة" كان وما أكثر الدول! حصلنا على المزيد من الدول والمزيد من الأديان، والمزيد من الإرهاب، والمزيد من "البشر-الذئاب" الذين أسسوا مجتمعا قائما على المنافسة والندرة المختلقتان أصلا واللتان تدعمان النظام وبدونهما يسقط ويتداعى بالتأكيد! وفي غمرة  هذه الدوامة النذلة تصطف جموع غفيرة من البشر الفاقدي بريق الأعين ليرددوا صباح مساء أن الطمع غريزة في الإنسان وأن الإنسان بطبعه ميال للعنف وأن القتال غريزة وكأنهم أمضوا حياتهم في البحث والتقصي عن نفس الإنسان! بالنتيجة النهائية مزيد من التقسيم ومزيد من الحروب الطويلة الأمد قدر الإمكان ومزيد من النفط والغاز والمزيد من تخريب البيئة وتخلف الإنسان والمزيد المزيد من الواهمين الذين لا يكفون عن التصفيق لجلالة السلطان الذي وعدهم بالجنة يوماً ما بعد انقضاء هذه الحياة ومزيد من الأرباح الخيالية والسيارات الفخمة والمزارع والقصور والمؤسسات والحكومات.... بالمختصر مزيد من السلطة المطلقة التي تؤدي إلى الفساد الحتمي!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق