17‏/09‏/2012

سوريا والعالم..

ولدتُ في سوريا يوماً ما، في مثل هذا اليوم من عام 1985، كان أبي "معلم بلاط" وأمي ربة منزل متدينة تحب الناس، أبي عامل البلاط أثر على تكوين نظرتي لسوريا في بداية حياتي كما ساهم بتكوين وجهة نظري عن الدين أيضاً. كانت سوريا بالنسبة لي حينها أجمل بلد في العالم حيث الأرض الثرية والناس الطيبون حيث أهلي وناسي وكان لدى أبي فخرٌ خاص وتعلق غامض بدمشق فكان يصطحبني (أنا ابن "شهبا" الصغير الذي يتعلم الحياة للتو) لنمشي في شوارعها ونزور مساجدها وحاراتها على الرغم من قلة المال وضيق الحال، وكان يبدو مغتبطاً جداً وأنا بجانبه أوسع خطواتي لأتبعه ويتسرب إلى عيني بريق عينيه البنيتين. كانت سوريا كبيرة وأنا صغير حتى لأتوقع أن يتلاشى العالم خارح حدودها حتى أني عندما زرت لبنان للعمل في سن الخامسة عشرة أصابتني الدهشة لكون الحياة تستمر بالطريقة ذاتها خلف حدود هذا الوطن الذي ربّبيت على الاحتواء فيه والاعتزاز بالانتماء له.

الآن وقد كبرت ورأيت ما لم تستطع عينا ذلك الطفل استقصاءهُ أصبحت ارى سوريا مكاناً يجتمع فيه الناس كأي مدينة من العالم، مكاناً عادياً ولكنه مليء بالذكريات والآمال والآلام والوجوه المتعبة.

أرى الآن سوريا مختلفة عما لقناه في حصص القومية والجغرافية، سوريا تخفق بملايين القلوب المكسورة، سوريا الناس وليس سوريا السياسيين، سوريا البشر الطامحين للأفضل وليس سوريا الحكومات الطامحة للاستغلال، بالمختصر سوريا الإنسان وليس سوريا سايكس بيكو.

مشكلتي الكبرى أو ربما النعمة الأكبر في حياتي أنني لا أستطيع تمييز الحدود السياسية لخارطة العالم، وأنظر في عيون الناس وقلوبهم وأهمل جوازات السفر المثقلة بالأختام!!

كل إنسان حر في هذا العالم هو سوري في قلبي الصغير، كل باحث عن الحقيقة هو سوري ايضاً... تماماً كما توسعت الدائرة يوماً لتتوقف سوريا عن كونها البيت والمدرسة ودار جدي "بو شريف" فقد امتدت الوطنية لتشمل كل جزء من هذا الوجود.

الآن لا تعني لي الدول السياسية شيئاً، يعنيني هؤلاء البشر تضج في قلوبهم الحياة وتتردد في عيونهم أنوار الحقيقة. وأفتخر بكوني أنا الإنسان أستطيع كسر كل زيف ورؤية كل إنسان حر بعيني السوريتين.

آسف على الإطالة ولكني احتجت لهذه المساحة لأكتب عن سوريا... لأكتب عن نفسي أنا السوري، فقد تلاشت الحواجز القومية والطائفية والعرقية من قلبي منذ زمن بعيد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق