17‏/10‏/2012

الثورة وعلامات القيامة...

بالنسبة لمن يتكلم، أو يُضمِر في قلبه، أو يتمنّى، أو يوافق على، أو لا يتخذ موقفاً واضحاً من أن 'الثورة' هي باتجاه الخلافة الإسلامية، أو بأن هذه الأحداث هي أحداث القيامة التي بشرت بها ((مجمل الكتب الدينية لكل المعتقدات، حتى تلك الوثنية والتنجيمية منها)) لهذا أقول:

لا تتكلم عن الحريّة بعد الآن، ولا تتكلم عن الديمقراطية، ولا عن حقوق الإنسان والمجتمع المدنيّ. قل لي ببساطة أنك رجل دين، وأن ثورتك هي إرضاء للنص للذي سبقك كعمل عامة رجال الدين. قل لي أنك تشارك بالثورة قولاً، أو فعلاً، أو تنظيراً، أو تمنّ، لسبب أنك بحاجة إلى الحسنات، وأنك طامحٌ إلى الجنة، راغبٌ بالنعيم، خائفٌ من العقاب.. ولكن لا تكذب عليّ بكلامك عن الشعب والحريّة والعدالة المدنيّة والحقوق. ولا تطلق اسم 'ثورة' على هذه المعارك، لأنّه شتانَ بين الثورة وبين علامات القيامة، إنهما ينطويان على فروقات جوهرية في كل شيء وبشكل صارخ. فباختصار، عمل الثورة هو بزوغ الوعي، وتحقيق العدل، ودعم الجمال، لتحقيق خير الإنسان على هذه الأرض. وهي عمل حرّ يقوم به أناس أحرار، ولا تكون مكتوبة عليهم في نصوص سابقة،  ولاهي تقادير من الله وملائكته، إنها عمل حرّ نقوم به أو لا نقوم ولنا كامل الخيار والإرادة في ذلك.

انتبه... لستُ أريد قمعك، ولا تحجيمك، ولا سلبك حقك في التعبير، ولكني أريد، وأحتاج، وأجدُ نفسي مضطراً أن أضع الأمور في أماكنها الحقيقية، وكان لا بدّ لي من أجل ذلك أن ألفت نظرك إلى الفرق بين الثورة التي يختارها الناس ويبنيها المجتمع فتنجح وتفشل وتكون عرضة للانتقاد كأي حركة تغيير في أي زمان، وبين الحروب الدينية التي تبشر فيها الكتب الكثيرة والتي ملأت وجه الأرض بدماء الأبرياء من المختلفين قديماً وحاضراً بسبب قصور الأديان أو المتدينين (من الأفضل أن نناقش هذا كل على حدة) عن استيعاب حقيقة هذا الاختلاف الظاهري الأيديولوجي من جهة، وبسبب العلاقة الودية الحميمة بين الطائفة والسّياسة وهي ما يحتاج أيضاً للشرح والتوسع فوق ما تتسع له هذه المقالة.

لا تحدثني عن المجتمع الإنساني بعد اليوم ولا عن الخطأ والصّواب، وقل لي بوضوح نحن نبني خلافة إسلامية. فقد ملّ قلبي من التغاضي عن أمثالك واعتبارهم حالات فرديّة.

في أول الثورة في سوريا، في بداية الحرب الأهلية في سوريا، في بداية الأحداث في سوريا.. قلتُ شيئاً وهو أنْ 'لكم ثورتكم ولي ثورتي' والآن أجد نفسي مضطراً لأعيدَ شرحها من جديد. لا أدري، ربما كنت متبلد المشاعر ولكني لا أشعر بأي رغبة بمؤازة أي ثائر على الأرض أو في السّماء يعلق عينيه بالجنة ويعتبر أنه يرضي الله في ثورته. ولا أشعر إلا بالحزن على هذي الشباب وهي تنجرفُ برحى الدين والطائفية والتعصّب، ولا أملك سوى الغضب من هذا الزمان ومن كلِّ النصوص المقدسة المتشابهة والكثيرة والتي تشترك عليها كل الأديان (مع احترامي للمتدينين من كل الأديان)، إلا إنها غاية في التبشير بغدٍ مقرف لا أوافق عليه، ولن أفعل. غد يقول أن الإنسان سيأكل الإنسان بدلاً من أن يساعدَ هذا النصّ وهذا الدّين البشرَ على بناء حياة مستدامة، للتقدم خطوة أخرى نحو العدل والحق والجمال بدلاً من زرع الإيمان السلبي في عقول الملايين.

أين الله من هذا الإله الذي يبشر بالدّماء؟ وأين الدين في هذا الدين؟ وأين الإنسان من الإنسان وهو يردد الأشياء المقدسة التي قيلت على ألسنة كثيرة وينسى أنه صانع الأشياء ومقرر مصيرها وموجه دفتها بأعماله وسلوكه؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق