02‏/10‏/2012

هنا أحرقت نفسي وأنا الآن حر طليق.

قال له:

لا تفكر بنفس الأشياء كثيراً لأنك حينها تراوح مكانك فقط وتصرف طاقتك هباءً. بل كن جديداً كل يوم، ومفعماً بالحياة كل لحظة. فعندما يخلو رأس الإنسان من الجديد ويحتقن قلبه بالماضي يصبح كنخلة باسقة شامخة في إناء صغير... اضرب جذورك في الأرض البنية وعلق ناظريك بالنجوم المشعة ولا تتوانى في تحقيق أحلامك الآن وفي هذه اللحظة, فأنت فان ٍ ووهج النور في عينيك هو فقط ما يبقيك حياً. تحمّل هذا الواقع وعش معه أو حافظ على كآبتك ترسخها كل يوم جديد وتحيكها بإحكام حول قلبك لكي لا يهتز على دوي المدافع ولا يتراقص على أصوات الطبول!!

أنت إنسان... فاصرخ منزعجاً عندما تغضب، وافرح بشدة عندما تفرح. لا تخبئ نفسك في عباءتك بعد اليوم، لا تسمح للوهم أن يأكل طعامك، ولا للوقار أن يلتهم لسانك، ولا للخوف أن يحيلك إلى دولاب دائري يكرر نفسه برتابة... 

اسمح لهذه الشمس أن تلفح نفسيتك المطوية كسجادة عتيقة على مدخل قصر جميل. كن أنت القصر ولا تكن السّجادة المطوية على المدخل الفاخر لأن الحب لا يلفح القلوب الذابلة بل تصنعه القلوب المنفتحة والأرواح المتحركة... الحب لا يأتيك ولكنك تصنعه.

انظر إلى عيون الناس ولا تنظر إلى هوياتهم ولا تنظر إلى طوائفهم ولا تنظر إلى أحزابهم ولا تنظر إلى أعلامهم ولا تنظر إلى إيديولجياتهم ولا تنظر إلى ملابسهم ولا تنظر إلى شهاداتهم ولا تنظر إلى مظاهرهم... إنك تخسر الأجمل والأعذب عندما تفكر بهذه الطريقة وتحرم نفسك من نسائم الحب الذي لا يغنيك عنه شيء آخر.

وأكثر من ذلك، اسخر دائماً من هذه الحدود التي تحيط البلاد بالألغام والجيوش والأعلام، وساعد بصرك ليضرب لما وراءها. واعرف أن الناس في عكا وفي دمشق وفي مراكش وفي الصومال وفي مدغشقر وجنوب أفريقيا وإسبانيا والبرتغال وفرنسا والأرجنتين والبرازيل وواشنطن وموسكو وبجين والفلبين والقوقاز وتركيا وطهران ومكة وحلب يحملون نفس التوق للحب والوحدة، ويكرهون العزلة ويعانون منها أيضاً. 

كن أنت أنت وسترى أن الكثيرين قد سلكوا طريق الحب في كل الأمكنة فالحب كالموسيقى يجعل السامع يرقص على أنغامها بشغف حتى ولو لم يكن يعرف الكثير عن الموسيقى. 

كن أنت النابض ولا تكن أبداً مزماراً لترديد الأفكار الخالدة والثقافات العريقة والنصوص الرشيقة... كن أنت على نقصك وعجزك وراقب ذلك بفرح وكن سعيداً أنك تتغير.

أنت تنظر حواليك فتشعر بالخواء لأنك لم تتعلم بعد أن النور فقط هو من يطرد العتمة. أما الظلمات فتتصارع وتتجاذب وتتناحر مسببة الخراب. ألا ترى هؤلاء السياسيين من حولك؟ ألا ترى كل هذه الأسلحة؟ وكل هذا المال وهذه العبودية؟ ألا ترى أنك تتحول لتصبح أكثر كآبة كلما سلمتَ بهذه الأشياء واعتبرتها شيئاً مقدساً بعيداً عن عين العقل ومراقبة النفس وخفقات الروح؟ فلماذا لا تنتفض ضدها؟

هل خلقت لتكون بهذه الكآبة يا ترى؟ أم أنك ظللت الطريق وأطلت الغفلة؟
هل خلقت لتكون بهذا الجبن يا ترى؟ أم أنك صدقت الوهم، واكتفيت بالتسليم لكل ما يطرأ، ونفيت الحق والعدل والجمال بحجة أنها أشياء صعبة للغاية؟

أليس وضعك هذا أكثر صعوبة وألماً؟ 
أنت إنسان وفي قرارة نفسك، هناك في الأعماق... يسكن الله الذي تبحث عنه في أكثر الأمكنة سخفاً. فاستشعر هذه القوة وفكر نفسك واذهب بعدها قاتلهم وإن الله لناصرك دون غيرك O.o

فاستل سيفه من غمده وغرسه في باطن الأرض ووضع مسدسه المحشو وعلمه المزخرف وكثير من الأقنعة الأخرى في باطن الأرض أيضاً، وأمر بإنشاء ضريح في ذلك المكان كتب عليه "هنا أحرقت نفسي وأنا الآن حر طليق".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق