08‏/06‏/2012

في ذكرى إنسان


كانت الوجوه كالشمع
وكذلك كان وجهكِ
بسيطون نحن من رمادٍ وظلّ
من سماء شبه غائمة
وأحذية مسافرين تطأ الطرق الغريبة
من فتىً يستيقظ فجأةً
على صوت ريح تخترق الزجاجَ كالإسفلت فيبكي!!

أدرك أننا زوارٌ في هذه القرية
وأن هذا الطريق الذي يوحي بنهاية ما... مخادع
وأن شعرك الذي كان أحمر حينها وعلق بمخيلتي
ما زال ينبت كالجوز كل صباح
ياه لذلك الشعر الغجري!
لكم هو غبيٌّ من لا يؤمن بالله
فلو لم يكن الله موجوداً
من عساه ينسجُ هذه الغابة الملتهبة؟


واليوم وأحذيتنا تدوسُ الشمس
وجباهنا تنطحُ رحم الأم الأرض
وبطوننا يكاد يفزرها الاستهلاك
وعقولنا يكاد يقتلها الامتلاك
والمعرفة تنهش لحمَ آلهتنا المقدّد
والنجاح يحوّلنا إلى عبيد حقراء
والسياسة إلى حمقى
رؤوسنا تأخذُ شكلاً واحداً
غريباً، مربّعاً، مشوّهاً، ومليئاً بالأكاذيب

بسيطون نحن من رمادٍ وظل
فليأخذوا إعلامهم وأسواقهم وأموالهم وأديانهم وأوطانهم
فليأخذوا أوثانهم أحتاجُ قلبي دافئاً
ومرآة صغيرة تعكس وجهي
أحتاجُ جسدكِ الغضّ بدون تشوّهات
وروحكِ التائقة للحبّ بدون ندوب
إذ أمرُّ في شوراع حمص وبساتين درعا يوماً ما


اليوم إذ نتوقف عن الصّراخ إلا على جدران الفيسبوك
ونترفعُ عن الرّقص حول نار أنفسنا
لنركض بغباء ٍ حول نيران البنوك والحكومات
وهم يزرعون الحروب كما تزرعُ الحنطة
فنهرب بين التفجيرات والمجازر كعين زائغة
ونسلخُ عن الكون لحظةً أخرى
والبواريد تكسرُ أقلام الرّسامين والأطفال
والمجانيق الحديثة تدك المدن كاللعنة
والسكاكين تخفي ابتساماتٍ وخطابات كاذبة
للسّياسيين في كل المعسكرات البائسة

تبقى ذكرى عينيكِ
أشعة شمسٍ على قدمي المدمّاة تبعثٌ فيّ الحب
وبسمتك على فراش موتكِ المفاجئ
كتاب مقدّس لإلهةٍ تحتضر
وقلبي الذي ملّ من الترهات رسولك الحيّ


لن أنتظرَ الناس أكثر، لن أدعوَ اليومَ أحداً
فالحبّ لا يحتاجُ لمبشرين ودعاة
يحتاجُ فقط ذاك الذي يبحثٌ عنه ويستقبله بحفاوة
لن أقولَ هذا معي وهذا ضدي بعد اليوم
بل سأنتظر نفسي عند الشارع الأول
وأرحل من جديد إلى حيث ينتهي بي المطاف...

هناك 4 تعليقات:

  1. ما اروعك يا صديقي
    خذني معك

    ردحذف
    الردود
    1. مرآتك أنا يا غالية

      كنت ذاهباً، فوجدتك هناك أصلاً

      حذف
  2. :)
    في بريق عينيك، في نبرة صوتك، في ابتسامتك العذبة ... الكثير من الصدق الكثير من البراءة الكثير مما نحن بحاجته الكثير مما نفتقده في حياتنا اليومية و فيمن صادفناهم بهاته الحياة، فكن كاشراقة شمس، كضوء القمر، كلحن الصباح..
    كن كما انت كما عرفتك
    انت صديقي الغالي صديقي غسان

    ردحذف
    الردود
    1. نعيش يا صديقتي
      وجوهنا للريح
      شعورنا منثورة يجتاحها الصباح
      وحولنا النيران في هدوئها الرهيب
      بصمتها... تراقص الهواء
      فتنحني وتنثني كالروح في يديه

      تحياتي القلبية وحبي الخالص لكِ

      حذف