03‏/06‏/2012

اللحظة الحاضرة وصديقي رأفت.

كان صديقي رأفت قطيش يمشي بارتياح شديد عندما كنا نتحادث وندخن ونمشي البارحة وكانت بسمته لا تكاد تفارق وجهه وهذا شيء رائع. أما الموضوع الذي كان يشغلنا فكان "اللحظة الحاضرة" وهو الكلام الذي دفعني عندما عدت للبيت أن أفتح الـ Google وأضع فيه "اللحظة الحاضرة" فوجدت الكلام الذي أعجبني كثيراً ونشرته البارحة عن آيكهارت تول باسم (أفكارك ليست أنت).

مما ذكره رأفت في ذات اليوم أن معظم أفكارنا التي تشغلنا طيلة اليوم هي أفكار مكررة وأننا نقوم باجترارها في أدمغتنا لتصبح حواجز تفصلنا عن الوعي وهذا صحيح. فعندما يجبرنا التفكير على أن نعيش لحظات من الماضي مرات ومرات وأسئلة عن المستقبل مرات ومرات فإننا بذلك نضيع لحضتنا الحاضرة في حين كان أجدى وأكثر سعادة لو أننا نكتفي بأن نكون في هذه اللحظة وحسب مستمتعين بمرور اللحظات بيُسر!

يبدو أنه قد سنحت لي فرصة لرحلة أخرى غير متوقعة. رحلة للتخلص من التفكير الزائد واجترار الأخبار والأفكار التي تورث المرض والعزلة. أنا الآن إذ أكتب هذه الكلمات أعيش الواقع؛ واقع أنني سعيد بسماع ما سمعته من رأفت والأهم قدرتي على نسياته في هذه اللحظة والانتقال إلى الخطوة التالية بمرونة، لأعيش لحظتي القائمة والمستمرة الآن بينما أسمع صوت "ملحم" وهو يغني أغنية بذيئة جداً و"رزق" يسانده بصوت قرار، وأشعر بـ"ضياء" وهو يحاول التركيز في الأعمال الكثيرة التي عليه إنجازها خصوصاً إنني متوقف عن العمل منذ فترة. أسمع صوت الموسيقى المتدفقة من جهاز الكومبيوتر، وصوت قلبي وهو يخفق بفرح كعادته.

هناك 19 تعليقًا:

  1. صحيح غسان الاستمتاع باللحظة الحاضرة افضل بكثير من السماح للاحداث العابرة من استلاب عقلك حيث تنطلق بالتفكير في قضايا واحداث من شانها ان تجعلك في قمة اليأس والاحباط وتجعلك مغيب في الوقت الحاضر... عيش اللحظة يا صديقي واستمتع

    ردحذف
    الردود
    1. يا هلا سعد! من زمان :)

      الماضي انتهى الآن والمستقبل لن يأتي أبداً.

      حذف
  2. دارين عز الدين الشوفي5 يونيو 2012 في 1:44 ص

    مرحبا يا صديقي :-))

    مقالة رائعة غسان.. هذا ما قصدته عندما كنا نتكلم عن موضوع التغيير والثورة وسوريا, ليس من الممكن الانتقال عبر الزمن للمستقبل ومحاولة تغيير المجتمع الإنساني بأسره ولكن علينا تغيير بلدنا الحبيب سوريا. يعني هنا والآن كما تقول أنت :)

    ردحذف
    الردود
    1. أهلا دارين :)

      عندما كنا نكلم عن التغيير والثورة وسوريا لم يكن كلامي عن المشاكل الإقتصادية والشكل المرعب الذي تتخذه التدخلات الأجنبية ذراعة للجبن والتخاذل ولم يكن أبداً هروباً من الواقع. كل ما في الأمر أن علينا معرفة كل هذه المعطيات والسعي الحثيث لتوسيع إطار من يعرفون هذا. بلدنا الحبيب سوريا لم يكن سوريا قبل أقل من مئة عام! ما أعنيه إن كان من رسم سوريا وقت سايكس بيكو وأعطاها علماً وجيشاً قد استطاع أن يفرض هذه الحقيقة لفترة من الزمن فمن المستحيل أن يستمر الكذب والخداع للأبد. نحن نعيش على كوكب واحد وإذا استمرت القوات العسكرية الأمريكية أو قوات الناتو بقصف المدن وإفقار الشعوب واستعباد الناس تحت مسمياتهم الكاذبة فإننا سنحصل في نهاية المطاف على عالم مفكك وإنسان مضطرب وغير حر في مجتمعاتنا. هذا ما قصدته. أما أن يلغي هذا الكلام حقنا في السعي المشروع ضد التسلط والحكم العسكري المخابراتي في بلداننا فذلك ما لم أعنيه.

      شيء آخر دارين أود أن أشكرك على اهتمامك الدائم بمناقشة الأمور بهذا العمق وطرح الأسئلة التي قد لا أتجرأ على طرحها في بعض الأحيان. فتحياتي لك عزيزتي.

      حذف
    2. دارين عز الدين الشوفي2 يوليو 2012 في 4:47 ص

      شكراً لك غسان على الرد الجميل وآسفة لأني تأخرت...

      هل تقصد أن قاعدة هنا والآن التي ذكرتها في هذه المقالة لا نستطيع تطبيقها فيما يخص الدول ونهتم بسوريا ونكف عن مناقشة النظام الاقتصادي العالمي مثلاً. في كل مرة نكون نتحدث عن سوريا تأتي أنت لتفتح الموضوع على جبهات أخرى فنجد أنفسنا أمام كم هائل ومرعب من الأحداث والتاريخ الطويل وبمواجهة كل دول العالم!! كيف يمكن أن نحصر هذا الصراع أكثر لنسطيع مواجته هنا والآن :)

      حذف
    3. أهلاً صديقتي دارين...

      هنا والآن هو مصطلح للدلالة على أهمية عيش اللحظة ولا يمكن أن يكون بمعنى الانفصال عن الواقع والاهتمام بالتشكيلات الثانوية والنتائج الحتمية دون النظر إلى الجذور، أقصد إلى ما أدى إلى هذا وذلك. في حال التكلم عن الدول فإننا نجد أنفسنا أمام واقع مربك وهو أن هذه الدول هي نتيجة تقسيم خضعت لها المناطق لهدف السطيرة وسهولة التحكم وعليه فإن الاهتمام بهذه الدولة دون تلك (قومية) لن يكون عادلاً، كما أن الاهتمام الأوسع بالعالم مثلا دون الأخذ بالحسبان أهمية الخصائص الفردية لكل مجتمع.

      من الرائع جداً تركيزنا على المجتمع الاصغر ومن الضروري عدم الاكتفاء به والتقوقع عليه واللانغلاق فيه. هذا رايي.

      حذف
    4. شيء آخر دارين،

      يبقى التركيز على صوابية عمل هذه الحكومة أو تلك، وهذا الحزب أو ذاك أهم بكثير من الكلام العام والعالمي الشامل. أنا أتفق معك ِ في ذلك.

      حذف
  3. That is the simple secret of happiness. Whatever you are doing, don't let past move your mind; don't let future disturb you. Because the past is no more, and the future is not yet. To live in the memories, to live in the imagination, is to live in the non-existential. And when you are living in the non-existential, you are missing that which is existential. Naturally you will be miserable, because you will miss your whole life.

    Osho

    ردحذف
  4. حـــاتم العطــواني27 يونيو 2012 في 12:44 م

    أعتقد يا غسان و كوني كما قلت لك في أحد لقاءاتنا أني لم أعدُ هذه المرحلة بعد ، أن الجسد مسبقاً متواجد في بقعة ما في هذا الكون يشغل حيزاً خاصاً لذلك هو مقيد باللحظة الحاظرة و هو ما قد يكون ايجابي اذا استجاب العقل و التفكير لهُ , لكن العقل مدى مفتوح للتفكير و التمحيص بمختلف الأمور , لكن هنا لا أنفي نظريتك بأنه يجب علينا أن نتمرد على هذه الحلم ( حلم اليقضة ) الذي يحرمك الاستمتاع باللحظة الحاضرة ، كأن تفكر ماذا ستفعل غدا و ماذا ستؤدي عملك في اليوم التالي الذي لم يأتِ أصلاً و لا تعلم مسبقاً إن كنتَ ستدخلهُ (من مبدأ علم الغيب) من هذا المنطلق أتفق معك مئة بالمئة أن الإنسان يجب أن يعطي اللحظة الحاضرة حقها الكافي بالاستمتاع بها ، لك بنفس الوقت و حسب ما قلته اليوم عندما اجتمعنا عند الصديق طارق ، أنك كنت تفكر و كثيراً ما تفكر (أينَ يذهب الصوت بعد خروجهِ من فم الإنسان , هل هو مستمر أم مؤقت هل يشغل حيزاً من الهواء أم يندمج مع الفراغ أم هو الفارغ نفسهُ لأنه لا يوجد ما يسمى الفراغ سوى نظرياً ) لا أريد الخروج عن الموضوع لكنك يا صديقي انت أثناء تفكيرك بهذا الموضوع كنتَ خارج دائرة اللحظة الحاضرة ، كنتَ تسبح بعقلك و تفكيرك باحثاً عن تحليل يقودك إلى نتيجة بذلك أنت لم تكن تستمتع باللحظة ربما كنت تدخن سيجارة أو تشرب كأس شاي فبذلك أنت لم تشعر بما تقوم بهِ ، أنا هذا ما أود الوصول إليه (أنه هناك فرق كبير بين الشرود (سلبي) و بين أن تجتمع مع عقلك و خيالك في تحليل أمر ما معين قد يقودك إلى نتيجة تبحث عنها و قد تنمي قدرتك على الإدراك و النظر إلى الأشياء الحياتية ) إذا اللحظة الحاضرة أيجابية لكن لا تنفي أن الإنسان يجب أن يستغرق بالتفكير أحياناً ,, من وجهة نظري و هذا ما أنا عليه حالياً .. شكراً المقالة رائعة و مفتوح مداها للنقاش بشكل أوسع و حبيت المناقشة و أراء الشباب و الصبايا

    ردحذف
    الردود
    1. حاتم أول باشتان اشتقتلك، كنت البارحة في طريقي إليك ولكن حصل ما أخرني عن ذلك :) ثاني باشتان بما يتعلق بكلامك في الأعلى، أنا أتفق معك على أننا إذا استجمعنا أفكارنا وقدرتنا على الملاحظة والتخيل في تحليل أمر ما فإننا لا نكون بذلك قد ضيعنا اللحظة ولا قتلناها بأوهام. ولكن الشيء الذي أذمهُ في هذه العلاقة عندما تكون مجرد تفكير واستغراق سلبي في أمور لا يحلها التفكير ولكننا نعيش وهم النجاح بمجرد تفكيرنا. الاختبار مهم جداً وأن تعيش الآن يعني أن تختبر نفسك وذكائك وخيالك وإدراكك وكل ما فيك الآن لا أن تتوقف عن أستخدامهم، كلامك صحيح وقد لفت نظري إلى جزء هام من المشكلة. إذاً ليس كل التفكير سيئاً ولكننا نستخدمه عندما نحتاجه ويصبح بذلك إيجابياً بحتاً. صح؟

      حذف
    2. عندما كنا نتكلم عن الصوت والمواضيع المتعلقة بفيزياء الكم والنسبية كنا نناقش الأمور من خلال مجموعة من العمليات العقلية والفكرية في أغلب الأحيان مع انعدام القدرة على الملاحظة المباشرة لعدم توفر مختبرات للقيام بالتجارب المطلوبة مع الأسف. ولذلك كان لا بد لنا من الاستغراق الفكري في تلك الأفكار الفيزيايئة لتصبح فلسفية إلى حد بعيد بسبب الفكر. هذا مؤسف حقاًَ ولكن ليس أمامنا طريق آخر الآن.

      حذف
  5. الماضي ....!! المستقبل .....!!
    الماضي دروس نكون قد استوعبناها او لم نستوعبها لا يأثر في شيئ، المستقبل مهما حاولنا ان نخطط و ندرس و نحتسب و نتوقع غالبا تمشي الرياح بما لا تشتهي السفن !! الجميل ان لا نكون مقيدين لا بهذا و لا ذاك و ندع الحياة تقودنا و تسير بنا حيث تشاء .. لكن هنا الا يمكن ان نكون مسيرين بدل ان نكون تحن المسيرين على الاقل في محاولة لرسم الطريق بغض النظر عما يمكن ان يعرقل ذلك من مؤاثرات و عوامل خارجية ..
    اتمنى لكم لحظات سعيدة

    ردحذف
    الردود
    1. أهلاً أسماء وأتمنى لكِ السعادة أيضاً :)

      لا يمكن أن نوافق على التخلص من تبعية افكارنا للذكريات والتقاليد وما يجسده الماضي، ومن التبعبية والتعلق والخوف من الغد والأمل والطموح وما يجسده المستقبل، ونرضى بالوقت نفسه بأن نفقد زمام السيطرة على الآن. أنا الآن موجود يعني أنا الآن فاعل وقابل للصور بنفس الآن، أنضج بالتعلم والممارسة بدلاً من النتائج القاسية. كلامك هام من حيث لفت النظر إلى أهمية عدم الانصياع للحياة بسلبية وكأنما نصبح عندها مجرد كائنات ضعيفة لا حول لها ولا قوة، ولكن من ناحية ثانية رفض التعلق السلبي بالماضي والمستقبل هو ليس نابعاً عن خواء ولا عن عجز ولكن عن ضرورة، ضرورة الوجود الآن في معطيات هذه اللحظة وتحدياتها. هل هذا ما قصدتيه؟ ودمتِ بخير.

      حذف
    2. رائع كلامك أسماء, لا يجب أن نكون مسيرين أبدأً بل نحن ندفع مركبنا الخاص نحو الهدف الذي نريد.

      حذف
  6. مرحبا غسان ^_^
    عندما نعيش الحدث منفصلا عن اي تأثير خارجي، فاننا نخرج ايضا عن حيز الزمان و تصب كل دواخلنا و مشاعرنا و طاقتنا في ذاك الحدث يكون اكثر عذوبة و حلاوة حتى ان الوقت يمر دون ان نشعر به... هذا كافي كي نقتنع ان اللحظة التي تمر دون ان نسعد فيها فإنها ضائعة و لا تحتسب من عمرنا ..
    يسعد اوقاتك يا صديقي

    ردحذف
    الردود
    1. أهلاً أسماء ومرحبا :)

      هذا صحيح حقاً يا صديقتي الغالية. اللحظة التي نعيشها بلا سعادة هي لحظة زائفة وضائعة، وحدَها الأوقات الجميلة التي نعيش كل تفاصيلها بغض النظر عن كونها صعبةً أم سهلة، حلوةً أم مرة هي ما يصنعُ عمرنا الحقيقي.

      حذف
  7. هل ما زلت متوقف عن العمل؟

    ردحذف
    الردود
    1. إي والله بعدني نسبياً :) يعني قصدي عم روح على المكتب بس ما توصلنا بعد لاتفاق أنا وإدارة الشركة يلي بشتغل فيها. انشالله رح يمشي الحال قريباً.

      شكراً لاهتمامك :)

      حذف