10‏/06‏/2012

طوائف القتل طائفة واحدة.

"إذا لم نكن نؤمن بحرية التعبير لمن نحتقرهم فنحن لا نؤمن بها على الإطلاق".

نعوم تشومسكي

  
البارحة وبينما كنت أتصفح الفيسبوك لفت نظري "بوست" في إحدى المجموعات وكان على لسان فتاة فقدت أحد أبناء أعمامها وأعيد إلى البيت مشوهاً مع أنه لم يكن يتعاطى السّياسة لا من قريب ولا من بعيد كالكثيرين غيره من سكان هذا الكوكب الذين لا يعنيهم كثيراً ما اسم الرّئيس وما لون قبعته. لم يكن موالياً للنظام ولم يشارك قط -بحسب ما نقلت- بمسيرة ولا هو بمعارض للنظام ولم يشارك قط بمظاهرة. كانت الفتاة مرعوبة وهي تسرد القّصة، وبسبب الإغراق الإعلامي الذي نراه في هذه الأيام وكيف أن كل ما حدث ويحدث وقد يحدث يتم تعليقه على النظام والشبيحة بيسر بسهولة وبدون محاكمة منطقية ولا جهد عقلي، فقد ظننت بادئ الأمر أن النظام هو من قام باختطافِ ابن عمها وأعاده مشوّها إلى أهله، ولكن تخميني لم يكن صحيحاً، إذ تبين لي بعد حين أن الفتاة كاتبة البوست "علوية" الوالدين وابن عمها العلوي قد خطف على يد شباب مسلحين من طائفة أخرى بسبب كونه "علوياً "وحسب.


هذا النوع من الحوادث معروف الآن ولا يختلف إنسانان على رفضه ونحن نعرف أن الطائفية تعمل عملها في نهش المجتمع السّوري وتحويله إلى مرتزقة أغبياء لا حول لهم ولا عقل ولا قوة، لولا الكثير من الشباب والصبايا والشيوخ الذين ما زالوا يملكون زمام عقولهم وقلوبهم ولم يستطع التلفاز واتجاهاته المعاكسة أن ينال من تفكيرهم النقدي الحر. المشكلة الحقيقية لم تكن بالحادث نفسه بالنسبة لي بقدر ما كانت في تعليق كتبته المحامية "ع. أبو نجم"محاولة التبرير لهذا الفعل القذر على أنه ردّة فعل طبيعية ومنطقية!! فإذا لم يستطع الإنسان رؤية سخافة الفكرة عندما يطالب بحقوق الإنسان (لمن يدعي أنهم أبناء طائفته) من جهة ولا يوفر جهداً لتبرير جرائم أخرى عندما يتعلق الأمر باعتداءات قام بها أشخاص من نفس الطائفة على أشخاص آخرين كما حصل في هذه القصة، آخذين بعين الاعتبار سخافة فكرة الطائفية من جذرها، حيث يتم الاعتداء على شخص ما على ذنب لم يرتكبه ولكن ارتكبه من هو محسوب عليه بحسب هيكلية المجتمعات المشلولة وتركيباتها البدائية، فإن هذا الشخص المزدوج لا يمكن أن يكون صادقاً في دعواه الإنسانية والحقوقية. 


مهما كانت ظروفي صعبة، ومهما واجهت من مشاكل، فلن أنسى أنني إنسان بالدرجة الأولى ولن أتخلى عن هذه النعمة أبداً. ولا يمكن أن أكون إنساناً عندما تأخذني ردود الأفعال، أو أشياء كتبت في الكتب، أو فتاوٍ صنعها أحدهم. أكون إنساناً عندما أدرك أهمية وجودي وقدرتي على التعاطي الحر مع البشر الآخرين ومن السخف الشديد وما لا يقبله عقل أن نعتبر البشر الآخرين مقتصرين على أبناء طائفة بعينها.


نحتاجُ المستيقظين...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق