18‏/12‏/2012

في التغيير الجذري.. الحياد والعنف.

قالت له بصوتٍ مخنوق: هل أقف مكتوفة الأيدي وأنا أرى كل هذا الظلم، وهذا الاستهتار بالحياة، وهذه العبودية؟

فأجابها: لا... لا تقفي مكتوفة الأيدي!
أنتِ إنسانة عبري عن وجودك ورفضك لما يقتل الوجود.

قالت بحيرة: ولكن كيف؟
فأجاب: بأي طريقة غير الوقوف مكتوفة الأيدي.

قالت: ولكن لا يبدو أن ذلك يؤثر حقاً ويقلل من مستوى الظلم !!
فسألها: وكيف ترين أن بإمكانك التأثير على مستوى الظلم بطريقة فعالة؟

فأجابت بعد تفكير: سأشتري بارودة.
فقال لها: وكيف سيتوقف الظلم حينها، هل تستطيع الحرب أن توقف الحرب؟ وهل يستطيع ما يقتل الوجود أن يحمي الوجود؟

قالت: لا أعرف ولكني سأنصر الحق الذي أراه.

.......

بعد ثمانين يوماً، التقيا من جديد، وكانت فرحة جداً. فسألها عن السّبب.

قالت من جملة ما قالت: أنّ الإنسان اختراع فائق الدقة، وأنّ البواريد مصنوعات جافة، و منتجاتها تخترق لحوم الناس بقسوة. ثم أردفت: الضوء فقط هو ما يطرد العتمة. سأحمل العدل على كفي وأمضي، وسأجتث الظلم من قلب الظالم بالكلمة، سأحوّل بيئته وأقلب عالمه الذي عوّده على قبول الظلم. فالظلم طريق مختصر إلى الموت، الحب طريق الإنسان إلى الحياة.

سألها: وإن لم يقتنع معك؟
فقالت: وإن لم يتوقف الظلم إذا استخدمت البارودة؟؟

قال: تحتاجين معجزة!!
قالت: خطأ... أحتاجُ أن أسهم في التغيير الجذري. في القضاء على أساس المشاكل وليس على تداعياتها. فمن يظلم إنما يظلم لأنه مغسول الدماغ.. سأفتح عينيه وأعيدَ له حسه المنطقي بفهم الأمور. إنه يظلم لإرضاء هذا الزعيم أو ذاك القائد، ولأن نفسه تبلدت عن الإنتاج وهو يشعر بالعجز والعزلة.. هو مسكين وسيتوقف عن ذلك عندما يرى نفسه في كل شخص آخر، عندما يستطيع تذكر نفسه عندما كان طفلاً مليئاً بالتساؤلات. وهذه غاية الحرية.

قال: وماذا عن قائده الذي يأمره بالظلم؟
فأجابت: سيتوقف عن الظلم عندما يرى أن لا أحد يقبل منه إلا الحق، عندما يرى الدماغ الذي غسله يستيقظ ليرى الجانب المشرق لكونه إنساناً. ساعتها سيكف عن كونه قائداً.. سيكون إنساناً آخر فقط.

قال: ولكن هذا درب طويل!!
قالت: ولكنه طريق لا بدّ منه. على المدى البعيد.. لا يعنيني أن أقتل ظالماً، لأن الظلم ما زال موجوداً.. يهمني أن أوقف الظلم نفسه وذلك بالتغيير الجذري.

قال: وما هو التغيير الجذري هذا؟
قالت: أن تفعل شيئاً غير تكتيف يديك وغير شراء بارودة جديدة.
أن تملك قلب إنسان ودماغ إنسان وتعيد تخطيط هذه المدينة بالكامل.

هناك تعليقان (2):